هل قرر «نتنياهو» قلب الطاولة على رؤوس الجميع؟ أصعب موقف لـ«نصر الله» وحزبه منذ ثلاثين عاماً

سواء تأكد استشهاد قادة آخرين أيضاً إلى جانب «العاروري» أم لا(فإزالة الأنقاض لا تزال مستمرة)، فإن الحدث يشكل أكبر «مأزق» لـ«نصر الله» وحزبه منذ العام 2006. فقد سبق له أن رسم خطاً أحمر حول أي استهداف لأي قيادي لبناني أو فلسطيني أو عربي في لبنان. وسيكون صعباً عليه جداً .. جداً الاستمرار في معركته مع إسرائيل وفقاً لقواعد الاشتباك المعمول بها حتى الآن، لأن مصداقيته و معادلة "الردع المتبادل" التي أرساها منذ العام 2006 ستكون على المحك على نحو غير مسبوق، لاسيما وأن عملية الاغتيال اليوم مزدوجة الإهانة: اغتيال أحد ضيوفه من ناحية، وفي قلب عقر داره (الضاحية الجنوبية) من ناحية أخرى،فضلاً عن خرقها لـ "قواعد الاشتباك" المعمول بها منذ 2006.

لبنان على حافة الانجراف لحرب شاملة، ويبدو أن «نتنياهو» قرر الهروب إلى الأمام وقلب الطاولة على رؤوس الجميع في المنطقة والولايات المتحدة على السواء(إن لم تكن واشنطن متواطئة في عملية الاغتيال)، بعد أن فشل حتى الآن في تحقيق إنجاز عسكري ملموس في غزة، أو أي من أهدافه التي أعلنها رسمياً، وبعد أن أصبح سَوْقه إلى المحكمة شبه مؤكد وقاب قوسين أو أدنى حالما توقفت الحرب.

مشكلة «نصر الله» وحزبه اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، رغم نجاحه في مسك العصا من منتصفها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ورغم الخسائر الكبيرة التي دفعها (أكثر من 130 شهيداً حتى الآن، وهي ثلاثة أضعاف خسائره في «حرب تموز» بالمعايير النسبية)، أنه سيكون عليه إما أن «يبلع بصقته» أو أن يخوض حربين في آن واحد، حرباً مفتوحة جنوباً مع إسرائيل، وأخرى داخلياً مع نصف الشعب اللبناني على الأقل من المتصهينين والمتأسرلين والمتسعودين والمتأمركين، الذين ينتظرون اللحظة المناسبة لطعنه من الخلف. وهذا ما يدفعني للاعتقاد بأن واشنطن لم تكن بمنأى عن إعطاء الضوء الأخضر لنتنياهو بتنفيذ عمليته اليوم في بيروت، فعمدت إلى الإعلان يوم أمس (دون وجود دليل عملي يثبت ذلك) عن سحب قواتها البحرية من قبالة الشواطىء اللبنانية والفلسطينية "كشكل من إشكال الخديعة ونصب الفخاخ وجعل حزب الله وحلفائه أكثر استرخاء واطمئناناً من ناحية جبهتهم البحرية/الجوية"!؟

يضاف إلى معضلته الداخلية معضلة خارجية أشد لعنة، وهي أن «بشار الأسد»، قائد «ميليشيا الشريط الحدودي اللحدي في الشام»،يكون في هذه اللحظة «بزرزب خرا من فوق وتحت» خوفاً ورعباً، ويرجو «نصر الله» أن «يبلع الموقف ويصمت»، كما فعل في «تموز2006»، حين كلف عمه «فواز الأخرس» بعد منتصف الليل بالتواصل مع السفير الإسرائيلي في لندن لإبلاغ إسرائيل بأنه «أقنع نصر الله بعدم قصف منطقة غوش دان (تل أبيب الكبرى) خلال الحرب». فيومها أعلنت تل أبيب رسمياً «أن إقدام حزب الله على قصف تل أبيب، كما تعهد نصر الله، فإن ذلك سيدفع إسرائيل إلى تدمير دمشق على رأس بشار الأسد، وليس بيروت (*).».

إنها الـ 24 ساعة الأصعب على «نصر الله» منذ استشهاد ابنه، أو على الأقل منذ إبلاغه عن استشهاد «مغنية» في دمشق، وأمر يومها بسحب جثمانه فوراً إلى بيروت وعدم السماح لأجهزة أمن النظام السوري بالاقتراب منها مهما كلف الأمر، لأنه كان يعرف من باعه وتواطأ على قتله، وأن المتواطىء سيتلاعب بمسرح الجريمة!

«وسوى الروم خلف ظهرك رومٌ … فعلى أي جانبيك تميل»!؟


(*) ـ سبق ونشرت في مثل هذا اليوم بالضبط من العام الماضي رسالة خاصة من وزير الخارجية الراحل «وليد المعلم» تكشف لقاءات «الأخرس» مع السفير الإسرائيلي في لندن بطلب من صهره من أجل هذا الغرض.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات