محاولة في تعريف الكائن الوطدي

قال لي صديقي: عرّف لي الوطدي تعريفا جامعا مانعا فلا يلتبس الأمر علي بعد ذلك أبدا.

قلت : الوطدي ليس من ينتمي إلى "العائلة الوطنية الديمقراطية" فحسب، بل هو كل من يحمل عقلية تلك العائلة ويتقاطع معها موضوعيا وإن كان من أقصى اليمين. فالوطدي هو كل شخص لم يكتف بكتابة التقارير الأمنية للجهات المعنية للتحريض على أعدائه الشخصيين أو خصومه الايديولوجيين، وهو ليس فقط ذلك الشخص الذي خدم منظومة الاستبداد والفساد أو بررها أو أكل على موائد هوامشها.

الوطدي يا صديقي هو كل من تصدى لإدارة الشأن العام أو تحدث فيه بروح مخبر وقلب بوليس سياسي ولسان "مثقف" أو سياسي أو نقابي أو غيرهم، والوطدي هو كل شخص يروج لتعدد الحقائق ولقبول الاختلاف وللتعايش وهو أول كافر بما يقول.

فكل " الكلمات الكبيرة" عنده مجرد "آلة صيد" يدافع بها عن مصالحه المادية ومصالح مكونات منظومة الاستعمار الداخلي( المالية-الجهوية، والإيديولوجية) ودعواه في ذلك مقاومة التطرف والظلامية والدفاع عن"النمط المجتمعي التونسي"، والوطدي هو كل شخص يحتقر ثقافته وأهلها ويرتضي لنفسه أن يكون مجرد قاعدة متقدمة أو كلب حراسة إيديولوجية للاستعمار الجديد وللنواة الصلبة لوكلائه المحليين،

والوطدي هو كل شخص لا يتصور لنفسه قيمة إلا بالحط من قيمة من يخالفه وتسفيه محصول عقله والتحريض عليه سرا وجهارا، والوطدي هو كل شخص يؤمن ب"العنصرية التفاضلية" القائمة على إدارة الاختلاف الثقافي والسياسي بمنطق النفي والاستئصال ومفردات الحرب الوجودية، فلا محصول لقوله إلا الإبادة الجماعية لمخالفيه على أساس الهوية وإن لم يمتلك الجرأة لقول ذلك،

والوطدي هو كل شخص يحدثك بحديث هو" تأنقات لفضية مدارها الفراغ"، والوطدي هو كل شخص لا وظيفة له إلا أن تكون "وتد" مشاريع الانقلاب على الإرادة الشعبية ومنع أي مشروع للتحرر من بليتوقراطية الداخل وإملاءات الخارج( منظومة الإذلال المزدوج)، والوطدي هو كل شخص وظيفي لا مشروع له إلا خدمة مشاريع مشغّليه في الداخل والخارج،

والوطدي هو كل شخص يرى تونس مزرعة للفرنكفونية وجزءا من أراضيها فيما وراء البحار، والوطدي هو الذي يتحدث عن الولاء للوطن-الأمة ولا ولاء له إلا لكل الطُغاة والبُغاة في تونس وخارجها، والوطدي هو ذلك الذي يريد احتكار الحديث عن الأخلاق وجوهر الدين والمشروع الوطني والانتصار للحقيقة والمقهورين وهو أعدى أعدائهم،

الوطدي هو كل شخص وقف عند " الدين أفيون الشعوب" ولم يقرأ أنه " تنهيدة الإنسان المقهور"، الوطدي هو كل شخص يدعي اليسارية ولا علم له بلاهوت التحرير ولا بكتابات مابعد الاستعمار ونسف مقولات الاستشراق وإيجيولوجيا الاستعمار/الاستحمار .

محصول القول: الوطدي يا صديقي هو كل شخص يمكنه أن يزايد " نظريا" على سكان المجرة كلهم في الدفاع عن جوهر الدين وعن قيم الحداثة، ولكنك ستجده "واقعيا" في أي خندق يريد هدم كل القيم التي يدعي زورا الدفاع عنها.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات