بديهيات سياسية لا بد من التذكير بها

Photo

1- من حق الشيخ راشد الغنوشي ومن حق أي قيادي نهضوي أن ينتخب من يشاء (انطلاقا من مبدأ "حرية المبادرة" الذي أقرته هياكل حركتهم) ولعل في تصويت أكثر من 600 الف من القاعدة الانتخابية للنهضة لفائدة الدكتور المرزوقي أكبر دليل على الحرية الحقيقية التي تمتع بها النهضويون في تعاملهم مع المرزوقي والسبسي، ومن واجب الحراكيين وغيرهم أن يستخلصوا الدروس السياسية الضرورية من هذه الوقائع المفصلية في تاريخ تونس، وأن يتخلصوا من وضعية " الرضع الدائمين" les nourrissants éternels في مستوى اتتظاراتهم من حركة النهضة (النهضة ليست جمعية خيرية ولم تقدّم نفسها يوما على أنها حزب ثوري-هي في أفضل الأحوال حزب إصلاحي أو محافظ- ،كما أنها ليست مسؤولة عن عجز الآخرين عن الفعل بأنفسهم في الواقع، وبالتالي هي ليست مسؤولة عن إحباطهم نتيجة عدم تحقيقها لرغباتهم المصرّح بها أو المكبوتة.)

2- من حق النهضة أن تتحالف مع من تشاء (من القوى الثورية او التجمعية او حتى اليسارية) وذلك من منطلق سياسي براغماتي مداره مصلحة حزبها ومنخرطيها بالدرجة الأولى(ومصلحة الوطن كما تتمثلها قيادات مونبليزير)، ومن واجب غير النهضويين قطع "الحبل السري" الذي يربطهم وجدانيا مع هذه الحركة حين تخيب انتظاراتهم وتكسر أفق انتظارهم(فيما يخص علاقة النهضة باستحقاقات الثورة او بالمنظومة القديمة مثلا)، لكن مع الحرص على أن يدار الاختلاف السياسي دون تسفّل في العبارة وبعيدا عن منطق التنابذ المطلق والإقصاء على أساس ايديولوجي، أي من دون التماهي مع خطابات استئصاليي النمط.(خاصة اليسار الثقافي وجماعة الانتخاب المفيد.)

3- من حق المهتمين بالشأن العام أن يتحدثوا بمنطق الثورة والثورة المضادة ، بل إنّ من حقهم أن يضعوا في كل خندق من شاؤوا من الأحزاب والشخصيات والمؤسسات، ولكن من واجبهم أن يراجعوا القدرة التفسيرية لهذه الثنائية، خاصةً بعد أن ثبت أن ضرر الكثير من الخطابات الثورية لم يكن أقل من ضرر المحسوبين على الثورة المضادة (من حيث الاثار المنبثقة أو غير المقصودة les effets pervers للعديد من المواقف والخطابات والتنظيمات التي عليها أن تقوم بمراجعات حقيقية لأدائها قبل تخوين أي طرف او شيطنته)

4- من حق النهضويين أن يدافعوا عن مظلوميتهم التاريخية (قبل 14 جانفي) ومن حقهم أن يدافعوا عن اختيارات قياداتهم بعد انتخابات أكتوبر 2011 وانتخابات 2014، ولكن من واجبهم أن يفهموا أن انتقاد النهضة لا يصدر بالضرورة من مواقع استئصالية ولا من مواقع عدائية (او حتى من مواقع منافسة على القاعدة الانتخابية للحركة)، بل هو نقد للأداء السياسي ولاختيارات الحركة (التي لا يمكن لأكثر النهضويين التزاما حزبيا أن يعتبرها"حتمية تاريخية" او وحيا لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من بين يديه)

5- من حق الحراكيين أن يبحثوا عن التموقع الأمثل ضمن الخارطة السياسية ، ومن حقهم أن يعملوا على استقطاب القواعد الانتخابية لجميع الأحزاب بما في ذلك قواعد حركة النهضة، ولكن من واجبهم أن يبتعدوا عن إعادة إنتاج الخطابات الجبهوية والنيو-تجمعية (وان بصورة غير مقصودة) لأنّ تلك الخطابات لم تكن يوما عاملا من عوامل التأسيس للجمهورية الثانية(وللتعايش السلمي بين الإسلاميين والعلمانيين)، بل كانت دائما عاملا من عوامل الارتكاسة الى مربع 13 جانفي 2011 في أفضل الحالات، والى مربع 7 نوفمبر 1987 في أسوء الحالات.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات