ضد سياسة المكيالين

كلُّ تضامنٍ مع الموقوفين في قضايا سياسية يكون بذكر بعض الأسماء ووضع "الأعداء الإيديولوجيين" في خانة "باقي الموقوفين" هو تضامن مشبوه أخلاقيا وسياسيا ولا معوّل عليه في بناء أي جبهة معارضة جدّية، ولا قيمة له في أي قراءة موضوعية لتحولات الساحة السياسة في تونس.

فهذا التعاطف" الهش" وغير المبدئي( هو غير مبدئي لأن المذكورين بأسمائهم متهمون في القضايا نفسها التي اتهم فيها بقية"المغيبين" بالاسم) لا يُظهر أن المتعاطف يعي طبيعة المرحلة أو يقدر على تجاوز المحدد الايديولوجي بقدر ما يظهر رغبته في اتخاذ "مسافة أمان" من بعض الأسماء( وتحديدا قيادات النهضة) وكأننا أمام رسالة طمأنة "خفية" لبعض الأطراف في السلطة أو في حزامها الإقليمي والدولي، أو كأننا أمام " إعادة تدوير" للصراعات الايديولوجية العبثية التي دمّرت الانتقال الديمقراطي وأتت عليه من القواعد.

فرغم وعي" المتعاطفين" بخواء أغلب الملفات القضائية لمن لا تُذكر أسماؤهم، ورغم وعيهم بأن استهداف" أعدائهم" يتم لأسباب سياسية لا علاقة لها بالفساد أو الإرهاب أو التآمر على أمن الدولة( بل هي جزء من مخطط إفراغ الساحة من أي رمز قد يهدد المستقبل السياسي للنظام)، ورغم وعيهم أيضا بأن النظام يخوض "حربا وجودية" على كل الأجسام الوسيطة، بل على كل الأصوات التي لا تتماهى مع صوت/سوط السلطة، ورغم وعيهم أخيرا بأن التعاطف بالوجوه ( أو الموالاة النقدية) لن ينفعا صاحبهما بالضرورة عندما تستهدفهم آلات القمع والتزييف وتحوّلهم الى مواضيع للتعاطف ولو بعد حين....رغم ذلك كله فإن ما بالطبع الإيديولوجي يغلب التطبع الديمقراطي.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات