الثّورة متواصلة ولن تبدأ من جديد …

قامت الثّورة ذات 14/17 لانعدام أيّ سبيل لتغيير فاصلة صغيرة في منظومة الاستبداد ... كان السّبيل الوحيد هو سقوط المنظومة التي استعصت على الإصلاح من داخلها رغم كلّ الحراك النّضالي على امتداد عقود ورغم الكلفة التي دفعها أجيال من المناضلين من كلّ الفئات والقطاعات والجهات والانتماءات.

بعد قيام الثّورة تشكّلت المنظومة الجديدة بشكل تعاقديّ على أعين الجميع وبمشاركة الجميع وفي إطار ديمقراطيّ شفّاف وتحت أنظار العالم ... ووفّرت الآليّات والسّبل الضّامنة لتصحيح أيّ انحراف يطرأ على التّعاقدات المتّفق عليها ... اليوم كلّ الوسائل الدّيمقراطيّة متاحة لتغيير القوانين والتّشريعات والسّياسات والبرامج والمناويل والأشخاص والمؤسّسات والدّستور والمنظومة برمّها ... بشرط أن يمرّ ذلك عبر الأرادة الشعبيّة المباشرة من خلال الاستفتاء أو التّمثيليّة من خلال نوّاب الشّعب ...

مهما اعترى الواقع من خلل وتعثّرات وانحرافات لا يمكن الاستعاضة عن الدّيمقراطيّة وآليّاتها بأيّ شكل آخر وإلّا انتقلنا إلى العبثيّة والعدميّة والتوحّش وفتح الباب لكلّ من لا يتوافق الوضع مع هواه الايديولوجي للنّسج على نفس المنوال وتصبح الثّورة لعبة بيد المراهقين والموتورين

من لم تبلّغهم الدّيمقراطيّة مطامحهم فالعيب ليس في الدّيمقراطيّة … بل في أدائهم الذي يحتاج مراجعة …

نعم لموجة ثانية للثورة تصحّح مسارها وتعدّل بوصلتها الاجتماعيّة والتنمويّة وتصوع منوال تنمية عادلة توفّر كرامة العيش لكافّة أبناء الشّعب … غير ذلك استثمار في الفوضى واستدراج للبلد إلى أفق المجهول … خاصّة عندما يقع الرّكوب على المطلب الاجتماعي واستغلال حاجة المفقّرين لتوظيفها سياسيّا طمعا في تحقيق ما لم يتحقّق بالوسائل الدّيمقراطيّة المشروعة …

الثّورة انطلقت ولا تزال متواصلة مهما رافق مسارها من تعثّرات ولن تعود لتبدأ من جديد إلّا في شكل مهزلة … التّاريخ يعيد نفسه مرّتين … مرّة في شكل مأساة … ومرّة على شكل ملهاة … كارل ماركس

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات