المرتدّة l'apostat

Photo

ستصاب بالغثيان وأنت تتابع ما ينشر على التّويتر والفايسبوك من ردود فعل حانقة على الرّهينة الفرنسيّة المحرّرة بعد طول انتظار لتحريرها رسميّا وشعبيّا وما بذلته الدّولة الفرنسيّة من جهود وتنازلات في سبيل ذلك ... استقبال رسميّ في المطار وتغطية إعلاميّة واسعة عقبتها خيبة انتظار واسعة وغضب عارم لمجرّد إعلان هذه الرّهينة في معرض تصريحها عن اعتناقها الإسلام وتغيير اسمها وحديثها الحميمي عن مالي التي تصلّي من أجل إحلال السّلام بها وعن أطفالها الذين تزمع العودة إليهم لاستئناف مهامّها الإنسانيّة ...

مريم أو صوفي سابقا تحوّلت في نظر الغالبيّة السّاحقة من المعلقين الذين من بينهم شخصيات عامّة إلى عميلة ومجنونة وعجوز شمطاء ومبيضة للإرهاب لم تكن تستحقّ ما أنفق من أجل تحريرها من أموال وتدخّل عسكريّ وتنازلات سياسيّة ... مجرّد إعلانها عن بشكل عرضيّ عن معتقدها أسقط عنها كلّ عناوين الشّرف والكرامة والأخوّة والمساواة وأصبحت ملعونة مطرودة من المعتقد اللائكيّ بروحه الكاثوليكيّة الوسيطة ...

لقد ارتدّت صوفي وطبّق عليها المعلقون بشكل رمزيّ قوانين الآبوستازي " apostasie ولم يعبأ هؤلاء المعلّقون بحريّة الضّمير ولا بحريّة المعتقد ولا بالحريّات الدّينيّة التي تفاخر بها العلمانيّة ... تهاوت كلّ تلك القيم الكونيّة التي ترفع في وجه الأصوليّات الدّينيّة وخاصّة الإسلاميّة ... وتحوّل الرّأي العامّ الفرنسي فجأة إلى محكمة تفتيش في مواجهة مرتدّة بنفس مفردات الشّيطنة والترذيل والقصف والدّعوة لتطبيق حدّ الردّة في شكل إعدام رمزيّ ...

وأنت تتابع هذا الكمّ من البذاءة والحقد الدّفين والشّيطنة والتّرذيل لا تجد بدّا من طرح سؤال عميق هل فرنسا دولة علمانيّة حقّا؟ هل تحرّرت من إرثها الصّليبي الذي يعود إلى القرون الوسطى؟ كيف يمكن أن تنجح في مقاومة الأصوليّة والانفصاليّة ورأيها العامّ يعيد إنتاج نفس معجم الدّواعش والخطاب التّكفيري؟

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات