النّهضة في مفترق الطّريق

Photo

حكومة يشكّلها رئيس حكومة مكلّف من الحزب الفائز ليس فيها قيادات من الصفّ الأوّل أوالثّاني أو الثّالث أو الرّابع من الحزب الفائز يمكن أن يشكّل هدنة سياسيّة لهذا الحزب ليرتّب بيته الدّاخلي. هذا الحزب الذي طبّع مع الحياة السياسيّة بعد عقود الإقصاء والملاحقة والتّنكيل والتّدمير والاستئصال يعيش منعرجا مفصليّا في تاريخه:

إمّا أن يتحوّل إلى حزب ديمقراطيّ عصريّ يعبّر عن ضمير قاعدته الانتخابيّة الموسّعة ونبض عموم المواطنين أو مصيره إلى الانشقاق والاضمحلال والتّلاشي.

رئيس الحزب في اختبار الأخلاق السياسيّة :

هل يمكن أن يُقدِم وهو رئيس البرلمان المُستأمَن على الدّستور والقانون على خرق قوانين حزبه التي تقتضي عهدتين لرئاسة الحزب غير قابلتين للتّجديد فيكون في تناقض أخلاقيّ مخلّ؟

هل سنشهد حملات مناشدة للتّمديد على غرار كلّ الأحزاب الفاشيّة والطّائفيّة تحت عناوين "المصلحة العامّة" و "المؤتمر سيّد نفسه" و"ليس هناك بديل" و " تقديرا لزعامته ومواهبه وإنجازاته … " ؟

أم سيعمد إلى تفويض صوريّ شكليّ لواجهة موالية تعمل تحت إمرته وبتوجيه منه دون التّنازل عن صلاحيّاته الفعليّة؟

أم سيكون وفيّا لما عجّت به مؤلّفاته من انتصار للدّيمقراطيّة والتّعاقد والحريّة؟

القيادات التّاريخيّة لهذا الحزب كذلك في اختبار صعب :

هل سترتّب بيتها الدّاخلي بالمغالبة والتّدافع ومنافسات التّمكين على المواقع والتّداول القسري القائم على صراع الوجود والتّنافي أم بشكل تعاقدي قيميّ حضاري يحفظ لهذا الحزب وحدته وتماسكه الذي يستمدّه من انشداده للمرجعيّة الدينيّة ورصيده النّضالي؟

الفرز الحقيقي داخل هذا الحزب بل في كلّ أحزابنا هو الفرز على الدّيمقراطيّة والتّداول والتسيير الأفقي الجماعي مقابل الزّعاماتيّة والمشيخيّة والمركزيّة الاحتكاريّة والانفراديّة والانعزاليّة والعائلويّة والفئويّة والاصطفافيّة والغنائميّة والانتهازيّة والمراهقة السياسويّة ،

لا بديل عن الأحزاب لإدارة الشّأن العامّ ، وكلّ دعوة للّاتحزب وترذيل الحياة الحزبيّة هي دعوة مشبوهة للفوضى والاستبداد المغلّف بالشّعبويّة ، لكن الأحزاب المدنيّة العصريّة يجب أن تكون مدارس لبناء الشخصيّة السياسيّة الأساسيّة المنفتحة التي تتوفّر على مهارة إدارة الشّأن العامّ وبناء شروط الحوار والمفاوضات الشفّافة وجسور الثّقة والتّحالفات المبدئيّة وما يقتضيه كلّ ذلك من تكوين وتأطير وتدريب ومعارف نظريّة وعمليّة ودربة ورياضة وقدرة على تشخيص الواقع وصياغة الحلول الإجرائيّة والبرامج النّاجعة وإنفاذها في الواقع لتطوير حياة عموم النّاس.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات