فحص للعذريّة وقذف للمحصنات في بلد تحرير المرأة !!!

لم أكن أتصوّر أنّ فحص العذريّة معمول به في تونس في غير حالات الاغتصاب لإثبات براءة امرأة من فعل الزّنا ...

هل تسمح أخلاقيّات مهنة الطبّ éthique بهذا الضّرب من الفحص المهين ؟ هل وجود غشاء البكارة أو عدمه دليل شرف أو إدانة ؟ هل يزول غشاء البكارة لمجرّد الفعل الجنسي أم لعوارض أخرى متعدّدة ؟ أسئلة كان يفترض أنّها قديمة في بلد نسبة التّمدرس والوعي والثّقافة الصحيّة الجنسيّة فيه متقدّمة ...

فحص البكارة ممارسة مدانة من طرف منظّمة الصحّة العالمية حيث اعتبرتها عنفا ضدّ النّساء كما دعت الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في أكتوبر 2018 للإقلاع عن اختبار العذريّة لأنه ممارسة مؤلمة ومهينة وصادمة، وتشكل عنفًا ضد المرأة " المقال في أوّل تعليق "

فكيف تسمح عمادة الأطبّاء بهذا الفحص في غير حالات الاغتصاب ؟ وكيف تجيز القوانين التّونسيّة ذلك لإدانة امرأة أو تبرئتها في واقعة زنا ؟ وكيف تقبل امرأة على نفسها الخضوع لهذا الضّرب المهين من الفحص ؟ وكيف يجرؤ رئيس دولة على إدانة امرأة قاضية بواقعة لم تثبت قضائيّا ويقضي بعزلها لأجل ذلك وينتهك عرضها ويشهّر بها في العلن ؟ وكيف يسمح أنصاره بقذف محصنة وعرض شهادة فحص للعذريّة سواء كانت حقيقيّة أو مزوّرة على قارعة الفضاء الافتراضي على طريقة المجتمعات القبليّة والكنسيّة المتخلّفة بكلّ قسوة ودون مراعاة لحرمتها وحرمة عائلتها ؟

حقيقة وضع سرياليّ يعكس ازدواجيّة المعايير في منظومة ثقافيّة وقانونيّة خلناها تجاوزت الأعراف التقليديّة والثقافة الذّكوريّة التي تختزل شرف العشيرة والقبيلة في غشاء بكارة المرأة ... بل هو وضع متخلّف حتّى عن المنظومة الفقهيّة التقليديّة التي تشترط لإثبات واقعة الزّنا أربعة شهود يشهدون مجتمعين عيانا الواقعة بضوابطها الشرعيّة " حتى غاب ذلك منك في ذلك منها، كما يغيب المرود في المكحلة، والرّشا في البئر " كما ورد في الحديث النّبويّ ... فأين هذا من ذاك؟

همسة أخيرة … ازدواجيّة المعايير ليست في هذه الممارسة فحسب، بل كذلك في تقبّلها … لو وقعت هذه الفضيحة زمن العشريّة " إيّاها " لقامت الدّنيا ولم تقعد ولغصّت الشّوارع بالنّاطقين والنّاطقات باسم حريّة المرأة وحماتها من النّسويّات والنّسويين مندّدين بأعدائها الظّلاميين والقروسطيين !!!

إذا لم يكن كلّ هذا انقلابا وسقوطا أخلاقيّا فما تراه يكون ؟

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات