بورقيبة الإخواني!

Photo

أخيرا تكلّم أهل الذّكر وفهمنا سرّ العلاقة، لم يكن بورقيبة البتّة صديقا للإخوان معاذ الله، بل كان فقط براجماتيّا عمليّا يبحث عن دعم للقضيّة الوطنيّة التّونسيّة من أيّ طرف كان،

ومن باب الصّدفة لا غير وهو يتجوّل في شوارع القاهرة وجد حركة سياسيّة دينيّة لها حضور بارز في مصر زمن الأربعينات وكانت تهتمّ بدعم قضايا التحرّر في المنطقة فاستعان بها لأنّه براجماتيّ عمليّ يبحث فقط عن دعم للقضيّة الوطنيّة في تونس .

لذلك استقرّ به المقام طيلة مدّة إقامته بالقاهرة في دار الإخوان بالحلمية وغطّت جماعة الإخوان كامل نفقات إقامته، وصادف بالمناسبة كذلك أن واكب الدروس الأسبوعيّة لمؤسّسها ومرشدها العام حسن البنّا ، فقط من باب المجاملة وحبّ الاطّلاع لا غير،

ولأنّه براجماتيّ عمليّ كذلك ويبحث فقط عن دعم للقضيّة الوطنيّة استعان بالإخوان لنقل رسائله إلى قادة الحركة الوطنيّة في تونس.

وواكب مع مرشدها العامّ بالمركز العام للجماعة الإخوانيّة مؤتمر تأسيس مكتب المغرب العربي في القاهرة سنة 1947 والذي جمع إلى جانب الحزب الحرّ الدستوري التّونسي حزبي الشعب الجزائري حزب الإستقلال المغربي بحضور رموز هذه الأحزاب للتنسيق من أجل توحيد حركة النضال ضدّ الاستعمار.

ولأنّه كان براجماتيّا عمليّا ويبحث عن دعم القضية الوطنية كان يرقب قادة الإخوان وممثليهم وهم يجوبون دول المغرب العربي وهي تحت نير الاستعمار يتواصلون مع زعمائها ويقدّمون لهم الدّعم والإسناد والوساطات التي من بينها التوسّط في الخلاف بين بورقيبة وبن يوسف.

بعد الاستقلال ولأنّ بورقيبة البراجماتي العمليّ الباحث عن داعمين للقضية الوطنيّة لم يكن لئيما وكان يعترف بالجميل لمن دعموه أكرم كلّ من قدّموا له السّند في نضاله من أجل القضيّة الوطنية بمن فيهم الإخوان الذين أكرم قياداتهم واستقبلهم في قصر الجمهوريّة وتعاطف مع شهيدهم سيّد قطب وتدخّل لدى من حكم عليه بالإعدام لإنقاذه من حبل المشنقة لكن للأسف لم يستجب لشفاعته، وغطت وسائل الإعلام الرسمية الحدث الأليم ونزّلت مقالات الشّهيد بالبنط العريض،

طبعا لم يكن ذلك تعاطفا لا سمح الله بل نكاية في خصمه ومنافسه على زعامة العرب وليردّ له صفعة أريحا وبقي على تواصل مع عدد من ممثليهم وقادتهم الذين كانوا يدخلون البلد بجواز سفر تونسي ويستقبلون من طرف مسؤولين بالدّولة ويحضرون مواكب رسميّة للرئيس نفسه.

وثائق عديدة تكشف سرّ هذه العلاقة الغريبة مع الإخوان التي لا تعدو أن تكون مجرّد سلوك براجماتيّ لزعيم وطنيّ كان يبحث عن داعمين للقضيّة الوطنيّة، وبعد نجاحه في تحقيقها اقتصرت العلاقة على الاعتراف بالجميل لمن قدّموا له هذا الدّعم.

الآن فهمنا سرّ العلاقة. رحم الله بورقيبة الزّعيم الوطني وجازى الإخوان عن دعم قضيّتنا الوطنيّة.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات