"سمكة التّونة العنيدة"!

في الفجر، حيث يصفو الذّهن كصفحة ماء أو بلّور استيقظتُ. وإذ أفتح عيني، مرّت السنوات العشرة الأخيرة أمامي فبصري ساعتها حديد.. ظهر كلّ شيء أمامي كأصفى ما يكون ..

وإذ ينبو الحدثُ بعد الحدث لتلك السنوات كحلقات سلسلة أتأكّد جدًّا أنّنا كنّا "مفعولا بنا" جدًّا. وكسمكة بلا ذاكرة تناولنا الطُّعمَ بعد الطُّعم ولم نُبصر طرف الصنّارة تجتذبنا نحو الوحل والرّغام الذي نحن فيه الآن.

أبصرت "القصّاص" يرقص، ورأيت "خميّس قصيلة" يفتي، ومحمّد عبّو يغنّي، والعلاّمة محمّد الطالبي يعبث به كل عابث، و الهنتاتي يغُشّ بشكل سوقي، و الصحبي الجويني يهدّد بالملفات، والدردوري يُصدر ديوانًا شعريا، ومورو يغنّي بالألمانية، وفوزي بن قمرة "يطيح للدّنكي"، والصّافي سعيد يُهنتل والمرزوقي ڨينيول ،.. وغير هذا كثير! هذا دون الحديث عن استضافة الشّواذ وتسويغ المثلية وجعل "الإختبار الشرجي" قضية القضايا..

كانوا الأذكى والأنجع في ترذيل المشهد بأكمله وجرّ الطبقة السياسية والفكرية الجديدة إلى مواقف ساخرة، مضحوك بهم وعليهم، وتحويلهم في أعيننا مساخر وكاراكوزات أدعى لاحتقارهم وغير مأسوف على رحيلهم..

انقلاب 25 جويلية كان سلّة السمك وحصيلة الصيّاد الماهر الذي عرف كيف يصطاد "سمكة التّونة العنيدة" في خمس ثوانٍ أخيرة من سباق الرّئاسة..

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات