عن إيقاف الدكتور سمير ساسي: هذا ليس مجال مديح أوجاعي الشخصية

منذ البارحة بعد خبر مداهمة بيت صديقي وزميلي الدكتور سمير ساسي وحجز حواسيبه وهواتفه وهواتف أبنائه، عاودتني أوجاع ذكريات السجن قبل ثمانية وثلاثين عاما، الأيام الموحشة التي تحس فيها نفسك "ورقة توت ميتة" تهزها الرياح وزوابع أمزجة موظفي الدولة ومجاري مياه عبثية في مواجهة دولة التعليمات، بلا إنسانية من الإيقاف في زنازين مركز الشرطة تحت الأرض في تاجروين والضرب على الساقين والرأس و"المشي والجي" مقيدا بالسلاسل بلا خيطي الحذاء على وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق في محكمة الكاف وعبارة "تعترف عند البوليسية وتجي عندي تنكر؟"

وغرف مركز شرطة بن عنين غير الإنسانية، وإلي يجي يضرب، واحد يحل السلسلة وواحد يسكرها والشرطي الذي يمضغ ويتلمظ لحمة صحن لوبية من أحقر مطعم عثر عليه أبي بعد الثامنة ليلا عشاء لي وأنا أموت حقا من الجوع حتى أفكر في أكل جزء من حذائي، "كان حقا ما عملت شيء، راك مش هنا"،

هذا ليس مجال مديح أوجاعي الشخصية، إنما أحس أن الضرب العشوائي قد اقترب منا، جميعا،

"شبيك مفجوع؟ كان ما عملت شيء، ما عندك من آش تخاف"،

أي، أنا لا أذكر أني فعلت شيئا أصلا، إنما من يثبت ذلك؟

"لا، لا، ما تخافش، كان حقا، حقا، ما عملت شيء، ما عندك من آش تخاف، توه تروح، شهر اثنين، ثلاثة، ثم تثبت براءتك، أما تروح"،

ثمة جراح في الروح لا يمكن الشفاء منها أبدا، جراح ظلم الدولة للناس،

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات