في هذا الحنش الخارج عن السيطرة "هبليه يا نقابة هبليه"،

أعوان أمن يتظاهرون أمام مقر إقليم الشرطة في قابس احتجاجا على جلب زميلهم المطلوب للمحكمة العسكرية، لاحظوا أنه مجرد "جلب" للاستجواب، حين يرفض المطلوب الحضور بالاستدعاء، ليس إيقافا ولا محاكمة، ياخي اليوم أصبحت المحكمة العسكرية خايبة وأنتهم تداهمون لأجلها بيوت الناس من السطح وتروعون الناس عند الرابعة فجرا؟

هات نفرغ قلبي أولا: هذا يذكرني بالحشد الأمني المسلح المعزز بمعدات الدولة من سيارات رباعية الدفع ومضخمات صوت لتفريق المتظاهرين ودويّ دراجات نارية ثنائية وثلاثية ورباعية الدفع وناس ملثمين ومعدات نراها لأول مرة لمحاصرة وإرهاب قضاة محكمة بن عروس في أكتوبر 2020، استعراض قوة عدواني غير مسبوق ضد السلطة القضائية، كان من أجل رفض مساءلة عون أمن من حيث المبدأ، أمام القضاء بشبهة الاعتداء على محامية أثناء أدائها لعملها في مرافقة منوبها وفق القانون، جريمة التمرد كانت علنية لكن لا أحد أحالهم على المحكمة العسكرية، سنندم على ذلك، بقي فقط السؤال: متى سيصبحون ضحية للحنش العملاق الذي خلقوه ؟ بالشوية؟

أنا بصفتي المهنية، صحفيا مساهما صغيرا في كتابة التاريخ اليومي، أشهد أن إنشاء النقابات الأمنية وإطلاقها في البلاد كانت عملية مدبرة لتخريب فكرة الثورة واستعداء أعوان الدولة على المؤسسات الدستورية الشرعية، كان ثمة شجعان طرحوا أسئلة حول حدود بين النشاط النقابي والتمرد من أعوان السلطة التنفيذية القائمة على الانضباط والولاء للقانون،

عمليا، تأكد تورط الكثير من ممثلي نقابات الأمن في التمرد العلني والخروج عن القانون منذ أن أصبحوا يظهرون محصنين ضد المساءلة في وسائل الإعلام لنشر الثلب والتسريبات والأخبار الزائفة والتهديدات العلنية التي يعاقب عليها القانون،

تأكد لي ذلك عندما داهموا مقر السلطة في حكومة الحبيب الصيد تحت شعار "هبليه يا نقابة هبليه" وشعارات أخرى أكثر عدوانية، قليلون يعرفون مدى الأسى الذي أحسه رئيس الحكومة وهو يرى أعوان سلطته يتمردون عليه ويشتمونه، ثم عندما تسلقوا مقر السلطة التشريعية لما رفضت إقرار قانون زجر الاعتداء على قوات الأمن لعدم دستوريته، أي معنى لإرادة الشعب؟ سوف تواجهها قريبا، مدمرة وغير عقلانية أيضا،

الآن، عندما تتشبع بحقوق وكرامة الإنسان، فإنك سترفض كل أشكال المحاكمات الاستثنائية ومنها الإحالات إلى المحكمة العسكرية بصفتها محكمة استثنائية لأن العسكر تدربوا على الحرب وليس على العدالة، لا تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة، هذا حسمته المنظمات التونسية منذ السبعينات وطالبت بإيقاف المحاكمات الاستثنائية،

لقد شاهدت الكثير من مقاطع الفيديو لأشخاص يفترض أنهم أعوان أمن بعد حادثة الممثل لطفي العبدلي، وهي تمثل كلها مخالفات خطيرة للقوانين المنظمة لعمل قوات الأمن الداخلي وللمجلة الجنائية، لكني سأبقى دائما على رفضي للمحاكمات الاستثنائية أمام المحاكم العسكرية، بل المحاكم المدنية لضمان المحاكمة العادلة، وأن تكون علنية لكي يحضرها ممثلو الرأي العام، لكي نعرف كيف نشأ هذا الحنش الكبير، صحيح أنه أصغر من أن يواجه حتى نفسه حين يخرج عن النص، لكنه حنش خطير،

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات