ورقات من ماض لم ينته بعد.. (16) انوصّلْ السّارق لْباب الدّار.. ثمّ ماذا بعد؟

Photo

قد تختبئ نخبنا السّياسيّة المترهّلة, وهي "ترسم" معالم المستقبل, وراء حجّة – في نهاية الأمر جدّ واهية – وهي "مراعاة الخصوصيّات التّونسيّة" ("شعب مسالم وهادئ", و"نخشى الهزّات", و"نوصل السّارق إلى باب داره", الخ). وهذه في حدّ ذاتها مقولات حقّ أريد بها باطل!

من الطبيعيّ أن نراعي خصائص المجتمعات, ولكن من الواجب أيضا الأخذ بالقوانين والسّنن التّاريخيّة والكونيّة..

فلو تأمّلنا البنية الاجتماعية والسياسية للمجتمع التّونسي اليوم, لوجدناه في تشابه كبير مع عدد من بلدان أمريكا اللاّتينيّة في فترة ما بين الخمسينات والثّمانينات: جنرال حاكم؛ نظام بوليسي؛ أوليغارشيا مكوَّنة من بضعة عائلات, تربطها أواصر الزّواج والقرابة, تتقاسم فيما بينها كلّ القطاعات الاقتصادية المربحة, وتتصرّف في الكواليس –وفي العلن أيضا- كمنظمّة مافياويّة؛ معارضة كرتونيّة, تقوم على أحسن وجه بمهمّة "النّقد البنّاء" وتقديس وحماية "قيم" ما بعد الحداثة كآخر كهف نياندرتالي قبيل الانقراض... وتبرّر في سبيل ذلك استبداد السّلطة وتسمِّيه "هيبة الدولة"؛ و"ثقافة" مدعومة تسعى إلى إفراغ المجتمع من كلّ محتوى وملْئِه... بالفراغ, بات القائمون عليها, رغم "طلائعيّتهم" و"تقدّميّتهم" و"ثوريّتهم" في ما مضى مجرّد أدوات تلميع أحذية.. أحذية الجنرالات, وبات "الشّاعر" – كالمومس في أحضان الفتوّات – مُجرّد مقدّم برامج تلفزيونيّة.

ما العمل الآن؟

ما العمل ونحن على مشارف "انتخابات" رئاسيّة "جديدة"1 ستكرّس إلى أجل غير معلوم "مبدأ" الرّئاسة مدى الحياة بفضل التّنقيحات الدستوريّة, وكأنّ لهذه الكلمة – الدّستور – معنى يذكر؟

ما العمل وقد باتت تونس فريسةً لكلّ كلاب البراري و لجياع بني آوى, تتناهش ثرواتها في أضخم عمليّة نهب في تاريخ هذا البلد... حتّى زحف بني هلال, مقارنة بما يجري الآن, هو بمثابة عمليّة إعمار؟


1 نُقّح الدستور بالفعل, وجرت الإنتخابات كما أريد لها, وخلف الرئيس نفسه إلى أجل غير مسمّى. وعادت حليمة إلى عادتها القديمة.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات