عودة الى قصّة "الفساد المالي" المحتمل من قروض صندوق النقد الدولي:

استند البعض الى تقرير "اللجنة الاقتصادية" في الكونغرس الامريكي لعام 1999، الذي يخلص فيه - انظر التقرير في التعليق الاول- الى ان صندوق النقد يدفع نحو الفساد المالي ويعززه. وقد ذُكرت في التقرير اهمّ المراجع التي يعرفها الاقتصاديون في مجال "الاقتصاد السياسي" لدعم هذا الموقف. واضاف التقرير انّ الصندوق يشجع بصفة مباشرة وغير مباشرة على الفسادَ المالي في البلد المُقترض، اذْ يدعم السلطة المركزية والبيروقراطية التي تمنح الامتياز للنخبة (الاقتصادية) وكذلك للقطاع العام على حساب القطاع الخاص..

هذا، وبعيدًا عن تقييم دور المؤسسات المالية والتنموية العالمية في تحقيق اهدافها المُعلنة، وبقطع النظر عن ملابسات اتجاه تونس للصندوق للاقتراض-الذي هو موضوع آخر- فانّ بعض الملاحظات المتعلقة فقط بالفساد المالي في ضوء التقرير أدناه، ضرورية:

- الفساد المالي جراء القروض، الذي تحدثتُ عنه في تدوينة سابقة كان مقتصرا على "الفساد الشخصي بين مسؤولي الصندوق ومسؤولي البلد المستفيد من القرض" وذلك لإحكام الاجراءات التي وُضع اغلبها منذ اكثر من 50 عاما. اي الحديث كان عن صعوبة - ان لم نقل استحالة الفساد من حين التوقيع على القرض الى تحويلة الى البنك المركزي.

- القول بانّ الصندوق يدفع نحو الفساد سواءً بعدم اشتراطه "عدم الفساد" حين التوقيع، فانّ هذا ليس له اهميّة باعتبار المتابعة اللصيقة في تحويل وصرف كل جزء من اجزاء القرض. ولو فرضنا الامر كذلك، هل بدون قروض الصندوق سينعدم منسوب الفساد او ينقص؟ لا طبعًا، لان من اسبابه المحيرة في الادبيات هناك العامل الثقافي على الاقل. ولكن هذا لايعني انّ فسادًا من نوع آخر غير ممكن وقد ذكرت ُانواعه المحتملة، ولكن ليس له الاثر الكبير على حجم القرض.

- القول بان المراجع العلمية تقول ان الاعانة (Aide) تشجع على الفساد، فان هذا صحيح وقد ثبت في العشرات من المنشورات العلمية والاطروحات وهذا لا يحتاج لبحث علمي، لأنه يكفي الالتفات الى العديد من الدول الافريقية التي استفادت من "الاعانات" او "الهبات" ولكن نموها مازال ضعيفا وهي تقبع في الفقر والفاقة وبراثن الفساد المالي. ولكن من الضروري التمييز بين "القرض متعدد الاطراف" و"الاعانة" او "الهبة" في ضوء الادبيات التي حرصت على هذا التمييز، لان الثاني يدفع الىًالغساد والاول ليس كثير الاحتمال.

- امّا طريقة استعمال القرض واستغلال الفجوات في الحوكمة وفي المنظومة القانونية والرقابية ودور مجموعات الضغط، فانّ ذلك وارد كما اسلفنا، لكن يصعب اثباته في الاجل القصير، وانه من البديهي انّ استرجاع الاموال المنهوبة والتدفقات المالية الى الخارج-على صعوبة وثقل اجراءاتها- اليها من اثبات فساد من قرض مصدرُه صندوق النقد.

ملاحظة: صاحب التقرير -جيم ياكسنن"، هو "نائب رئيس اللجنة الاقتصادية" بالكونغرس الامريكي، وهو معارض من "الحزب الجمهوري" حينما كان "بيل كلنتن" الذي كان داعما للبنك الدولي وصندوق النقد، والذي هو -كما تعلمون- من الحزب الديموقراطي" رئيسا لامريكا!

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات