لا تحتاج اختصاصا في مجال "اليقظة الاستراتيجية"

باعتبار،

(1) المستوى المتوسط جدّا للمتحدّثين الذين تصدّروا المشهد في الاعلام وتجنّدوا في الفترة الاخيرة لإعادة تقريبا نفس الجُمل تبريرا للطريقة "الخاصّة" التي تمّ من خلالها اقرار "حالة الاستثناء"، حيث تبريراتهم تتضمّن بعض التناقضات والحال أنّ هذه التدخلات المُكثفة و"التحاليل" كانت تبدو غير ضرورية بما أنّ تأويل الفصل 80 هو حِكرٌ علي الرئيس في غياب المحكمة الدستورية.

تبريراتٌ متناقضة من نفس الاشخاص، تارةً تنضوي في مضلّة الدستور وتارة أخرى تلجأ الى نظريّة "الامر الواقع" واعتبار أنّ النصّ الثابت في الدستور والذي لا يحتمل عادةً التأويل والاجتهاد "لا يجب قراءته في ظاهره" والاّ فهي طريقة "شكلانية" وعلينا أن "نهتم" بروح الدستور" بحيث يتمّ الخروج منه من خلال "أرواح" لا يعلم كُنهها الاّ الدّاعي اليها، وتبقى "الأجساد" متعلّقة به، الى أن أصبحت القصَّة تكرارا كان من الأفضل الكف عنه. والطريف في الامر أنّ وسائل الاعلام تستدعي يوميا نفس الأشخاص ليقولوا نفس الشيء.

(2) البُطء والتردّد غير المبرّريْن في تشكيل الحكومة، بقطع النظر عن الاجراءات القانونية التي تتطلّب كثيرا من "الجمباز" و"المعالجة اليدوية" وتوحي بالقفز الى الأمام (…)،

(3) أنّ "دواليبْ الدولة رجعِتْ تخدمْ بصفة عادية"، وقد قيلت أكثر من مرّة في الردّ على "لماذا يطالبون بتشكيل حكومة"، استشهادا بدستور 59 الذي تمّ الاعتماد عليه بدون وزراء،

(4) المرسوم المُحدّد للتدابير الاستثنائية رقم 17-2021، وما تضمّنه من جمع جلّ المجالات التي تهم الحياة اليومية للمواطن والمؤسسات التابعة لها،

(5) أنّ ما يُسمّى "بالحملة التفسيرية" لمنظومة "جديدة" لفائدة الشعب الذي لم يطالب بأيّ تفسير لشيء لم يعبّر عنه (البعض طالب بحل البرلمان والبعض طالب بالشرعية) ولا يمكن ان يطالب بذلك بعد أن رفض "المنظومة القديمة"، خاصّة وأنّ الرئيس لم يعلن أنّ هذا "التفسير" نابع منه، ولست أدري كيف تسمح وسائل الاعلام "للمفسّّرين" من التدخّل بتلك الصّفة وكأنّها رسمية، كما أتساءل عن عددهم وهل هم "جمعية متحزّبة" أم "دعاة خير" أو "علماء جوّالة" يفسّرون للناس علوما نادرة، علما وان نسبة الامية في تونس الاقل في العالم العربي…

باعتبار النقاط (1)-(5) أعلاه، فإنّ الأقرب الى الظنّ أنّ الحكومة المرتقبة ليست من الاولويات وأنّ السّلطة التنفيذية من التعيين في الوظائف العليا الى اصدار العُملة مرورا بالأحوال الشخصية ستبقى بيد قيس سعيّد رأسًا وانّ تعيين الوزراء سيكون استجابة اعلامية وغطاءً سياسيا لا اكثر ، وسيستهلك الامر كلاما كثيرا وتحاليل وخروجا عن الموضوع في الاعلام الذي سيهتمّ أكثر بمدى كفاءة المُعيّنين منهم الذين "لبّوْا نداء الوطن" المارّ بازمة، وكذلك لبثّ التفاؤل لدى المواطنين…

لانّ الأقرب الى الظنّ هو ان الامر المستهدف انما هو تغيير نظام الحكم بحيث يتغير شكل الدولة ومهامّها. والاغلب للظن كذلك، انّ هذه الحالة الاستثنائية ستدوم بقدر ما تحتاجه الإجراءات من وقت ومن ترتيبات لا يعلمها الاّ المقربون، وتنقص مدته بقدر ما تصاعدت الموجات المناهضة لهذا المنحى وبقدر ما برزت بوادر الفشل في الشأن الاقتصادي-الاجتماعي وفي محاربة الفساد.

وعين العقل تشير -حسب اعتقادي- بالنأي بالبلاد عن المنزلقات الخطرة ذات التكلفة العالية، والعودة الى الرشد.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات