دين يخدّر الشّعوب أودين يخلب الفؤاد؟

Photo

1_مهزلة وسخافة العقل الملحد :

غالبا ما تجنّى دعاة الحداثة والملحدين على الدين جملة وتفصيلا دون تمحيص بين دين الشّرك ودين القيّمة وتحججوا بالعلم لنقض الدين وأسسه لكأنهم مالكي ناصية العلوم وغيرهم جاهل مغيّب مخدّر غائص في الأوهام وسيادتهم ماسكين بناصية العلم ولكن دعنا نلقى نظرة خاطفة ان كان هؤلاء على أرض صلبة وحجتهم غير داحضة فلقد تابعت كتاباتهم وتتبعت ارائهم؟

إن الدين مخدّر الشعوب لمن يعبدون هواهم وأوهامهم ويستسلمون لزيف المعلومات دون تمحيص ويجعلون من القضاء والقدر شمّاعة لخمولهم وكسلهم وتغطية على حماقتهم الإجتماعية والنفسية فيستغل أصحاب النفوذ الواعز الديني وسذاجتهم لكي يسيطروا عليهم ويخضعونهم لمصالحهم بدين الشرك ظاهره عبادة وباطنه قيد للبشر. أما حقيقة الدين القيّمة دين التوحيد دين الفطرة فهو يخلب الفؤاد إذ يقدم حلول ونظرة شاملة انطولوجية ويستنير العقل ويتحقق السلام الداخلي بتكامل البحث والجهد وسلوك طريق الحقيقة. ليصبح الإيمان وظيفي عملي ضمن بنية واعتقاد واستناد تتكامل فيه الشريعة مع الطريقة والحقيقة فلا فصل.

لو كان الإلحاد يقدم إجابات مقنعة للوجود ويطرح مقاربة شاملة متزنة متوازنة لأتبعناه وآمنا بجدواه في حياتنا. فلا يمكن أن نتصور أنّ من فارقنا من أهلنا الغالين على قلوبنا واحبابنا قد اضمحلوا وأرض بلعتهم واندثروا وغابوا إلى الأبد. وكذلك بالنسبة للوجود والكون فهو منظّم تحكمه نواميس كونية. فكيف نفهم ونؤمن بأن ليس لها مدبّر وخالق وحكيم وقادر يسيّرها بعد أن أوجدها من عدم. اعتبر أن الإيمان بهكذا طرح من سخافة العقل البشري ومهزلته. ويبقى الإلحاد فرضية من الفرضيات ولا جزم ولا يقين بصحة ذلك.

فالفرضية تبقى من باب الإحتمالات التي يستوجب إجراء التجربة لنقضها او إثباتها وهذا متعارف به في المنهج التجريبي. وارى من منظوري إن سلمنا بالتفكير العلمي في التعامل مع اشكالية الوجود وعلّته وغايته تبقى الرؤية والطرح الذي يتناول الخلق وبعثة الرسل والأنبياء ويوم القيامة أكثر اتزانا وتوافقا مع فطرة البشر.

2_دين القيّمة أو دين الشرك جمهورية الله او جمهورية البشر:

لقد عبد البشر من قبل شتى انواع الموجودات ووصل بهم حقيقة الى تقديس أرذل المخلوقات وليس غريب على بعض غلاة البشر الغائصين في بهيميتهم وحيوانتهم وغرائزهم الغير منظمة فلقد اوجدوا في اذهانهم اله الخصوبة وتبركوا وعبدوا وخضعوا له منيبين بطقوس يندى لها الجبين. هي فطرة في الإنسان وغريزة وجدانية وجودية أن يميل إلى العبادة ولكن أي عبادة ومن يعبد؟ دين الشرك او دين القيمة؟

أرى أن الدين الإسلامي جاء - لينظم حياة البشرية بتشريعات وقوانين ولذلك ارتقى بالمسار البشري من أقصى انحطاطها وأرذل اخلاقه إلى مجاله الرحب الإنساني ومكارم أخلاقه. -الاله غير مجسّد ومشيئ في الدين الإسلامي الحنيف إذ انه الصمد الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوءا احد الكبير المتعالي الغني الحميد……. -وكذلك يحمل نظرة كونية تحمل حقائق جد هامة تفسّر بعض الظواهر العلمية الذي ثبت علميا بعد حقب زمنية دقتها وصدقها.

ولكن ليس القرآن الكريم كتاب لتفسير الظواهر الطبيعية وميدان للعلوم الطبيعية فهو كتاب حقائق ومعاني للجنس البشري. -من منظور انطولوجي أعطى نظرة متوازنة يحق لكل باحث ان يكدح ويدرس للتحقق منها فالإنسان كان عدما غير معدوما في الاعيان الثابتة في باطن علم الخالق عز وجل ثم كُتب له الوجود كائنا حيّا من الكائنات البشرية في زمن معين وكان يمكن أن يكون نباتا او جمادا او حيوانا ثم ليعيش حياته ردهة من الزمن لينتهي وجوده الحسّي والمادي بالموت فيفارق دنيا الشهادة دنيا الحس ويسافر إلى عالم الغيب عالم لامرئي لا يمكن أن نقيسه بأدواتنا الفيزيائية المتاحة وبحدود امكانياتنا البيولوجية لنجزم بعدم وجوده لعدم تلمسه وتحسسه فأحاسيسنا الشعورية نتيجة لأعضائنا الحسية واستقبال منبهات وسطنا البيئي المادي عالم الشهادة لا غير فالتواصل مع عالم الغيب يتطلب أدوات أخرى كالذوق الصوفي القلب والبصيرة.

أليس هكذا طرح أكثر اتزانا وقبولا من عقل يقظ كادح محب للحقيقة متعلق بالمعاني؟ او علينا أن نعتقد في الصدفة وخلو الكون من خالق وسير الطبيعة بقدرتها autonome ونلحد في أسماء الله عز وجل وصفاته ونعطّل قدرته المطلقة وحكمته بأوهامنا او نؤمن بخالق ومسيّر ذكي للكون جامد خامل لا علاقة له مع كونه فلقد سيّره ويتفرج فيه اي نسترخي ونخدع ذواتنا بعدم وجود شريعة وحلال وحرام فهي الحياة بدون التزامات وخالية من ميثاق الفطرة ومن عهود ومواثيق هكذا يعتقد من إنحرف كليا عن الصراط المستقيم واتخذ الهه هواه.

ان التزام الإنسان الباحث بالصرامة والتجرّد والموضوعية والتواضع يحيله إلى اكتشاف الحقيقة وتذوق معاني الحياة ". Être rigoureux abstractif objectif et bien sûr modeste يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه"صدق الله العظيم.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات