غياهب الأديولوجيا أم تقاطعات الفكر؟؟؟؟

Photo

الجماعة التي عكرت صفو المحاضرة التي كان من المقرر ان يلقيها الدكتور محمد الحاج سالم في حرم جامعة منوبة بتونس العاصمة، تعيد طرح سؤال ازلي/ابدي عما وجب أن ندافع عنه بدءا وقبل كل شيء، بمعنى الوجود وعلة البقاء على وجه هذه البسيطة:

هل وجب ان ندافع بل نحمي ونذود عن مساحات خاصّة، وما يعني ذلك من إقصاء للمشاريع الأخرى، بل - وهنا الاخطر - استبعادها ومن ثمة الاستئصال، بغية الاستفراد بالوجود ضمن معنى النقاء سواء العرقي او الأيديولوجي الذي بشّر به عديد الفلاسفة؟؟؟

او هو مسعى للبحث عن تحديد بل ترسيم مساحات مشتركة، تكون اقرب إلى ميدان محايد، مع احتفاظ كل أيديولوجية بفضائها الخاص، الذي ضمنه تعيش طقوسها وتحيا عقيدتها؟؟؟

ليس في المسالة طرح فلسفي او مبحث مجرد، بل - وهنا الخطورة - أسئلة معيشية، مثلما ما هو الخبز والفلفل في حياتنا…

دكتاتوريات قامت ودول تأسست وكيانات نبتت على فكرة "الصفاء" هذه، لكن ثبت بالدليل التاريخي الذي لا يقبل الدحض، ان ماكينة هذا "المشروع" لا تحترم اصولها المؤسِسة. ما يسمّى "داعش" قاتلت في عنف غريب ما يسمى "النصرة"، و"فصايل" اليسار في مجتمعاتنا مارست الاستئصال تجاه بعضها البعض، مما يؤكد - من منطلق علم النفس السريري - أن منطق "الالغاء/الاستئصال" لا يغدو ان يمثل سوى "حالة حمى" او هو وجع شديد مسّ "ذات" لم تسترح ابدا منذ عصر النهضة (على الأقل)....

اسلام سياسي أغلبه يمارس طهرانية أقرب إلى ذلك العالم "الطهري" الذين بشرت به كنائس الغرب بعد أن سرقت الدين من منابعه الشرقية…

يسار لا يملك من جينات اليسار شيئا بشهادة سوسلوف خاتم المنظرين في الحزب الشيوعي السوفيتي الذي فند في شدة غريبة امكانية قيام "يسار" خارج الفضاء الغربي، معللا (والكلام له) بعدم قدرة هذه المجتمعات على مغادرة مناخاتها الاقطاعية. سبقه في ذلك "نبي اليسار" كارل ماركس اثناء وإثر زيارته للجزائر…

غزوة منوبة دليل على أننا لا نحيا من الديمقراطية سوى التسيب ومن الحرية غير الحق في الصراخ، لنرجع - بدءا ونهاية - إلى حسم المسائل ضمن منطق اقطاعي مقيت، اي موازين العنف، من اللفظ إلى "البونية" إلى ما تيسّر من السلاح، احيانا....

اليسار يعيش في تونس ما تعيشه الكيانات السياسية الأخرى من ازمة "انا" ومعضلة "الذات"، ويعيش ازمة إضافية تتلخص في عجزه عن تحويل رأسماله الخطابي/الكلامي الضخم جدا إلى رصيد بشري، سواء لملء الصناديق زمن الديمقراطية أو لرفع السلاح "عندما يجدّ الجد"….

لذلك يعمل هذا اليسار الأيديولوجي (حين وجب استثناء اليسار الثقافي من باب الأمانة) على صنع العداوات واستنباط الخصومات، لأنه يريد ان يُشعر ذاته بأنه "يعيش خطر الإفناء"، لتبقى هذه الذات في حالة يقظة دائمة…

الكيانات ذات المرجعية الدينية شرع بعضها (حين نستثني الجماعات الاستئصالية) بمعية اليسار الثقافي في مغادرة منطق "السقيفة" إلى منطقة لا تزال رمادية، لكن هاجس الخوف لا يزال قائما والردّة من الأخطار التي تهدّد الجميع….

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات