قطاع الحبوب: سياسة الدولة الفاشلة منذ السبعينات.

قطاع الحبوب في تونس، مش نعطيكم فكرة معمقة وبرشة أرقام وبيانات باش تفسر الخلل الكبير في القطاع هذا نظرا لتدخل الدولة الغير رشيد في كل حلقات السلسلة من الفلاح إلى المستهلك. وسع بالك وأقراه، مانتدمش!

قبل كل شيء علاش نحكي على هذا الموضوع اليوم؟ لبرشة أسباب، أولا لأن هذا القطاع أساسي لأمن البلاد، تونس وصلت تستورد سنويا قرابة 2.8 مليون طن حبوب في السنة (قمح، فرينة، شعير) أي 240 كيلو لكل مواطن جايين من الخارج كل عام ونسبة الإنتاج المحلي مقارنة بالاستهلاك هي 20% فقط مما يهدد الأمن الغذائي ونسبة تبعية للخارج إرتفعت ب 5% في عشر سنوات من 75% إلى 80% لتتوج سياسة الدولة الفاشلة منذ السبعينات.

ثانيا، على خاطر لا تملك تونس الا مخزون شهرين من هذه المادة واللي يحكي على إحطياطي عملة صعبة يغطي 140 يوم توريد و الرويق هذاكة وهو في أهم مادة اللي تنجم تشعل ثورة جوع ماعندوش مخزون متاع أربعة أو ستة أشهر، يلعب بالنار و يقعد وين تطلع الأسعار كيف الحال السنة هذه، يمشي يتسول من الخارج باش يتفادى الكارثة و يرجع حكاية مش إنحو العدم اللي فات 2 مليار دينار من هذه المادة الأساسية اللي موش تحدد سعر الخبز و الكسكسي فقط بل أيضا اللحم، العضم و الحليب خاطر الشعير يستعمل كمكون أساسي للعلف لكل الحيوانات.

ثالثا، نحكي على الموضوع هذا خاطرني عديت وقت كبير باش نفهم المنظومة الكل اللي تخدم في برشة ناس ونقارن مع بلدان أخرى، ونحب برشة القطاع هذا اللي الوالد قرر يخصص التقاعد متاعو لخدمة الأرض كفلاح في قطاع الحبوب (الصورة المصاحبة أخذتها يوم عيد ميلادي يوم 5 ماي سنة 2019 في أرض مزروعة شعير في عام صابة).

خلي نفهمو المنظومة:

المنظومة فيها برشة ناس تخدم، خلي نذكرو أهمهم: الفلاح اللي يزرع الحبوب، مربي الماشية لإنتاج اللحوم، مربي أبقار الحليب، ديوان الحبوب، وزارة الفلاحة، مزودي الفلاح المختلفين، شركات النقل، شركات تجميع وخزن الحبوب، المطاحن و شركات صناعة المواد الغذائية، شركات صناعة العلف، وزارة التجارة اللي تحدد أسعار المنتوجات المدعمة و توزع الدعم…

- الدولة تتدخل في برشة حلقات، عندها ديوان الحبوب اللي عنده إحتكار monopole للإتجار بالقمح و الفرينة محليا و للتوريد …يعني الفلاح اللي يزرع الحبوب عنده حريف واحد يفرض السعر ويعجبك ولا طير قرنك في حين أنه نفس الديوان كي يشري من الخارج 80% من إحتياجات البلاد التجار اللي يبيعولو يحددو السوم عبر بتة أو appel d’offres، بالنسبة للشعير اللي مستعمل أساسا للعلف، الديوان عنده إحتكار التوريد و نظريا الدولة قتلك السوق محرر محليا يعني الفلاح ينجم يبيع لناس أخرين موش كان ديوان الحبوب ولكنه يحدد السعر اللي يقبل به كل سنة و يبيع الشعير المدعم بسوم أقل يعني قتل السوق إلا على الفلاحة اللي ينجمو يخزنو إنتاجهم و يبيعوه وحدهم اللي هومة أقلية نادرة،

الدولة عندها زادة إتحاد الفلاحين اللي مايدافعش على الفلاحين خاطر حياتو كاملة تمول فيه الدولة ويعمل في السياسة ولا يدافع على الفلاحين كان بعد مايفلسو ويعملو إحتجاجات في الشارع كيف إحتجاجات منتجي الحليب في المهدية المدة الأخيرة، وزارة الفلاحة عبر إداراتها العامة للإنتاج اللي تحدد مثلا quota توزيع الشعير و السداري أو النخالة اللي هي تنتجها المطاحن كي ترحي القمح و الفرينة و قيمتها الغذائية للحيوان موش باهية خاطرها "قشور" الحبوب.

- شكون البهيم القصير اللي مضطهد : مزارعي الحبوب و مربي أبقار الحليب. علاش: على خاطر كلفة الإنتاج تحددها السوق من بنزين غير مدعم، آلات ومعدات وقطاع غيار فلاحية مستوردة أغلبيتها و لا يوجد فيها أي منافسة كقطاع بيع السيارات، أدوية، وأخيرا الأسمدة اللي كانت قبل محلية هي الوحيدة المسعرة لكنها غير موجودة بسبب مشكل الفسفاط. بالنسبة للأعلاف سومها تحدده شركات خاصة، في حين يأتي إطار في الدولة أو وزير ويقرر وحده سعر البيع الذي لم يتطور بنفس نسق كلفة الإنتاج، فماذا يحدث؟ ينقص الإنتاج لأن اللي يفلس يبدل القلم و مايعوضو حد، الدولة كي تحب الدعم و تحديد الأسعار يلزمها تعوض للناس هاذم و تعطيهم منح مش هوما يفلسو باش الأسعار ماتزيدش و بعد نزيدو نستوردو الحليب بعد مايكون عندنا فائض و نولو نستوردو كميات أكبر و أكبر من الحبوب على خاطر الأراضي متاع الحبوب مش تتزرع زيتون و بعد مايكثر إنتاج الزيتون و يطيح سومو و مانعرفوش نبيعوه عام الصابة و نفيقو بعد سنين بالمشكل.

- شكون اللي مدبرها: أغلبية المنظومة اللي تخدم بالحبوب المستوردة، منها المطاحن، شركات نقل الحبوب اللي عندها quota وتخدم مع ديوان الحبوب من غير منافسة كبيرة، بنك ديوان الحبوب اللي هو BNA واللي هي من أكثر البنوك من ناحية المرابيح في تونس خاطر أكبر حريف عندها هو ديوان الحبوب و اللي متسلف من عندها 3 مليار دينار خاطر الدولة ماعطاتش لديوان الحبوب فلوس الدعم، و تعملو في عمليات تمويل التوريد و عمليات الصرف و انا متأكد كان تنحيلها هذا الحريف الضخم تكون خاسرة، نحكو على مرابيح سنوية بأكثر من 100 مليون دينار للبنك من هذا الحريف. زادة شركات صناعة العلف اللي يبيعلها ديوان الحبوب الشعير بسعر 40 دينار للقنطار اللي هو حاليا شطر السعر في السوق العالمي و تخلط الشعير مع مكونات أخرى و تبيعو لمربي الحيوانات (أغنام، أبقار، دواجن) بأسعار تحددها هي و خاصة اللي 3 شركات منها بولينا تستحوذ على السوق هذا،

يعني جماعة الفلاحة كلفة الإنتاج ماتتدخلش فيها الدولة باش تنقص فيها و تفرض عليهم سعر أقل من السعر العالمي في حين جماعة صناعة العلف تستوردلهم الدولة عبر ديوان الحبوب الشعير بكميات ترتفع كل سنة ب 10% وتبيعهولهم بالخسارة وهوما يبيعوه بسعر يزيدو فيه كيف يحبو و يصدرو زادة لليبيا!. أخيرا من الرابحين زادة كل من أستطاع عبر علاقات وغيرها أن يكتنر ويشتري المواد المدعمة من الدولة و بيعها في الجزائر أو ليبيا، قداش الله أعلم لكنها تجارة مربحة برشة ومتأكد اللي يلقى الضربة مايفلتش.

- المنظومة تجمع ناس صغار كيف الأغلبية متاع الفلاحين و مربي أبقار الحليب اللي يدهم تحت الزرسة خاطر الحليب يفسد فيسع أو ماعندهمش طاقة تخزين و هوما حلقة صغيرة من سلسلة كاملة، و شركات كبيرة تخدم على السلسلة كاملة كيف بولينا اللي تنجم تجابه الأزمات بطريقة أسهل لأن نسبة مربوحها أكبر.

- الحاكم اللي يفرق في 2000 مليون دينار في العام أغلبيتها ماشية للفلاحة في الخارج و أكبر شركات تجارة الحبوب في العالم اللي يزودو في البلاد و الناس اللي عندها خيوط في تونس اللي تشري المنتوج مدعم و تنجم تبيعو بأسوام أعلى في تونس أو في الخارج.

المنظومة هذه فيها اللي رابحين وفيها اللي خاسرين، والنتيجة متاعها واضحة اللي رابحين يخدمو بدعم الدولة وتراخيصها و quota متاع المواد المدعمة و الخاسرين هوما اللي كلفة الإنتاج غير مدعمة و سعر البيع تحدده الدولة تحت السعر اللي يخليهم يعيشو حيات كريمة و يواصلو يستثمرو في القطاع متاعهم. أنا متأكد كان جا قطاع إنتاج الحليب (موش تحويله) أو زراعة الحبوب فيها شركات كبار كيف إنتاج لحوم الدجاج والبيض راهو أسعار بيع المواد هذه ماتحددهاش الدولة أو أن الدولة تراجع الأسعار لضمان مربوح وهامش قار.

لنأخذ مثال الشعير:

هناك أربعة أسعار في هذه المنظومة المتشعبة:

(1) السعر في السوق العالمي اللي هو 80 دينار للقنطار حاليا، 90% من الإستهلاك المحلي جاي من هذا السوق،

(2) السعر اللي يشري بيه ديوان الحبوب والمجمعين الخواص التوانسة الشعير في موسم الحصاد اللي تحدده الحكومة وهو 53د القنطار، أغلبية المنتوج المحلي يباع بهذا السعر،

(3) السعر اللي يبيع بيه ديوان الحبوب الشعير لمصنعي العلف ومربي الحيوانات المحظوظين هو 42د القنطار،

(4) السوق المحلي الصغير اللي يبيعو فيه الفلاحة التوانسة لمربي الحيوانات مباشرة وهو حاليا بين 70 و 80 دينار القنطار، الكميات صغيرة في هذا السوق خاطر الفلاح يلزم يكون عنده وين يخزن. بالطبيعة المستهلكين الكل يحبو يشرو من ديوان الحبوب بالسعر المدعم اللي يكسر السوق للفلاحة التوانسة بالرغم من أن الدولة تقول اللي هي حررت سوق الشعير وليس لها الإحتكار وهو الديوان متاع الحبوب مازال نظرا لمنظومة الدعم يتاجر بالخسارة في أكثر من 95% من هذا السوق.

أنا نحب نفهم فقط الشعير اللي تستورد فيه الدولة وين ماشي (مليون طن تقريبا سنة 2020)، قطيع الأغنام والأبقار في تراجع حسب الإحصائيات الرسمية، كميات البيض و اللحوم البيضاء التي تنتج سنويا في إستقرار، علاش الدولة تستورد 10% أكثر شعير كل عام بسوم أقل شيئ 20% أكثر من السوم اللي تفرضو على الفلاح التونسي و مدعم بمئاة ملايين الدينارات سنويا (400 مليون دينار منتظر في 2021)، وين ماشي الشعير هذا؟ شكون ينجم يفسرلي خاطر لوجت و مالقيتش كيفاش يتوزع و لشكون وقت المربين الكل يقولو اللي الشعير مقطوع و يشرو فيه بين 70 و 80 دينار في السوق الصغيرة اللي مايتحكمش فيها ديوان الحبوب؟

شنوة الحلول؟

- يجب أن يكون السعر المحلي الذي يببع به الفلاح التونسي الحبوب لا يقل على سعر التوريد لإرساء العدل و المساوات للفلاحين التونسيين اللي ماتلقاهم كان هوما وقت الشدة خاطر روسيا في أي وقت كيف السنة تنجم تفرض ضريبة على التصدير.

- لما أقارن مع البلدان المجاورة، أرى أن المغرب لها منظومة برهنت أنها قادرة على تطوير الإنتاج و إنصاف الفلاحين حيث تطور التخزين تقلص التوريد، عوض منع تصدير الحبوب بتاتا و هو نظام قمعي تفرضه تونس على فلاحي الحبوب، تفرض عوض ذلك ضرائب على التصدير ترفع فيها حين ينقص الإنتاج المحلي.

- يجب أن يكون سعر الحليب منصف للمنتج و أن لا يستحوذ قطاع التجميع و التحويل على كل القيمة المضافة. في البلدان الأوروبية، وخاصة في هذا القطاع، تجد دائما علامات أن هذا السعر منصف للمربي (fair price for farmer)

- يجب تطوير الخزن و تكوين إحطياطي إستراتيجي من الحبوب، الأمن الغذائي خير من التشدق بمخزون عملة صعبة و مافماش قمح يوكل الناس على الأقل أربعة أو ستة أشهر كيف البلدان اللي تعرف شنوة معناها مجابهة المخاطر.

- يجب رفع الدعم تدريجيا لأنه يعني أن حيتان كبيرة تتمتع من هذه المنظومة و ترفيع الأجور في نفس الوقت.

- يجب الدفع نحو زراعة الأعلاف و الشعير لحماية القطيع الحيواني اللي هو رأس مال وطني، سياسة العدم الحالية اللي تدعم الشعير و برشة مربين مايشوفوهوش بالرغم اللي ديوان الحبوب كل عام يزيد تستورد أكثر ب 10%، هذا ماينجمش يتواصل. حاليا، الدولة خلقت فارق كبير بين السعر المحلي للقمح (82 دينار للقنطار) وسعر الشعير (53 دينار)، الفارق هذا أكبر من الفارق في السوق العالمي اللي يجعل 90% من الإنتاج المحلي هو قمح والأعلاف الكل تستورد 97% منها مما جعل سعر القرط و التبن يلتهب محليا (الدولة لا تتدخل في هذه الأسعار، إرتفعت إلى أكثر من الضعف إلى مستويات قياسية).

- تمكين شركات تونسية أن تتاجر في الحبوب في تونس وفك إحتكار ديوان الحبوب.

نحن على أبواب موسم الحصاد، فهل ستشتري الدولة الحبوب بسعر يتراوح بين 20% و 35% أقل من تكلفة التوريد؟ أعطي مثال الشعير، استوردت الدولة 50,000 طن من الشعير هذا الأسبوع بسعر 80 دينار القنطار يصل في نهاية جوان أي نفس الفترة التي يبيع فيها الفلاح منتوجه، في حين أنها تعزم أن تشتريه من الفلاح التونسي ب 53 دينار كأقصى سعر، يعني الدولة كأنها تفرض ضريبة على الفلاحة ب 30% من رقم المعاملات أو مايساوي 80% من الأرباح! وإتحاد الفلاحين ساكت و نحكو على إلغاء الدعم؟! أنا قلت للوالد مايبيعش للدولة اللي زادت في المزوط 100 مليم عندها أسابيع (موش مدعم حاليا) و "نسات" تراجع أسعار شراء الحبوب. الواحد يخلي أرضه مرعى للأعشاب ويخضرها خير من أنه يزرع الشعير أو الفرينة (صورة تراجع الانتاج محليا غنية عن أي تعليق)

مشكور كان وسعت بالك وقريت حتى للآخر.

- الصورة الأولى هي لحقل شعير يوم 5 ماي 2019 في منطقة باطن الزرايب على الطريق الرابطة بين بوعرادة و سليانة.

Photo

- الصورتان الثانية و الثالثة هي لأخر مزاد لتوريد الحبوب (شعير) التي ستصل آخر جوان و نتائجها التي تبين سعرا ب 800 دينار الطن.

Photo

Photo

- البيانات الأخرى هي من موقع ديوان الحبوب وتظهر تطور الإنتاج المحلي و التوريد في العشر سنوات الأخيرة.

Photo

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات