الي من يريد تغيير الوضع في هذه البلاد المنكوبة يجب قبل كل شيء ان يضع اصبعه على اصل الدّاء .

لماذا وصلنا الى ما نحن عليه من سوء تصرف في الموارد و من انعدام موارد الدولة في مجال تامين البنية التحتية الاساسية لتقديم الخدمات الاجتماعية الاساسية و من فشل في تامين المناخ الملائم و المشجع للاستثمار و فشل في توزيع الامكانيات بين الجهات و الفئات الاجتماعية و اقتصار دور الدولة على رعاية المحسوبية و حماية مصالح لوبيات متنفذة ؟

الحروب أنواع منها ما هو عسكري وسياسي، ومنها ما هو اعلامي ومالي ونفسي و هي من أخطر الحروب الحديثة خاصة اذا مارستها الدولة على شعبها متسلّحة تارة « بالريع » و الزبونية و طورا بممارسات مرتكزة اساسا على الضرائب العشوائية و الاقتطاع و التسول …. ممارسات ابعد ما تكون عن العمل على التغيير او حتى الاصلاح .

ساهم النموذج الاقتصادي في بلادنا و القائم على توزيع الريع و المكاسب بشكل انتقائي و غير شفاف لفائدة العائلة و الاصحاب و الاصهار و ركائز الحزب إلى استفحال معضلة البطالة اكثر مما كانت تقدمه الأرقام الرسمية للدكتاتورية على فداحتها .

اليوم و في ظل الظروف المحلية والدولية المتسمة بعدم وضوح الآفاق الاقتصادية المستقبلية، و في ظل تراجع نمو الاقتصاد العالمي، والآثار السلبية للجائحة و في ظل تداعيات محاولات « التغيير العربية » (و لن اكتب الثورة حفاظا على اعصاب البعض ) و في ظل تغير الديموغرافيا، اصبحت شريحة الشباب أكثر عدداً وأكثر تعليما وانفتاحا على بقية العالم، و ما الشعارات التي ترفع عن الحرية و الكرامة الا دليلا عن اهمية هذه القيم مثلها مثل المكاسب الاقتصادية .فإن الحاجة ملحة اليوم لتركيز نموذج تنموي يعتمد على الإنتاج والمنافسة في إطار تعاقد اجتماعي جديد. فانتهاج النموذج الريعي ادى إلى تعطيل روح المبادرة والرغبة في الاستثمار في القطاع الخاص الذي يعتبر أساسيا في خلق فرص العمل.

سيتساءل البعض لماذا الحديث عن هذا الموضوع اليوم و نحن امام تحديات الموت بسبب سرير انعاش او جرعة اكسجين او شحة الادوية او انقطاع الماء و الكهرباء …

لأنه و بكل بساطة « المتمعشون » من هذا المنوال الاقتصادي القائم على توزيع الريع و المزايا و الرخص في مقابل الدعم السياسي و تمويل الاحزاب لن يسمحوا بإعادة النظر بشكل عميق في المنظومة و لن يسمحوا و بكل الطرق بفتح المجال للمنافسة على اساس الكفاءة و ازالة العقبات الادارية و القانونية التي تحول دون الاستثمار في القطاعات الواعدة لغيرهم …و لن يسمحوا بمراجعة السياسات الحكومية في مجال الانفاق و الضرائب لجعلها اكثر انصافا و عدلا و لن يسمحوا بمحاربة التهرب الضريبي و بإلغاء الاعفاءات و التراخيص و المزايا الغير المبررة .

هم اليوم يستغلون المرض و الفقر و الحاجة لتقديم انفسهم كحل لمشكلات المواطنين و هم يعولون على قصر ذاكرة الشعب و انتهازية البعض و احباط البعض الاخر لعلنا ننسى انهم اصل المشكلات و سبب استمرارها .

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات