عندما أسمع مسؤولا أمريكيا يتهم شخصا أو تنظيما بالإرهاب أتذكر أن نيلسون مانديلا وحزب المؤتمر الوطني الإفريقي بقيا على لائحة الإرهاب الأمريكية إلى غاية يوم 02 جويلية 2008 اليوم الذي صادق فيه الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش على قرار إسقاط إسم مانديلا والمؤتمر الوطني الأفريقي من قائمة الإرهاب.
بقيت أمريكا داعمة لنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا إلى اللحظة الأخيرة التي سقط فيها، كان الأبارتايد أداة المستوطنين البيض الذين سرقوا أرض الأفارقة واستعبدوهم، وكان مشروعا مماثلا لمشروع المستوطنين الذين أبادوا سكان أمريكا وأقاموا دولتهم على أرضهم، لكن الأبارتيد سقط في جنوب إفريقيا لأن الأفارقة ناضلوا من أجل حريتهم.
رحل مانديلا عن عالمنا سنة 2013 وهو يحمل صفة الرجل الأكثر احتراما في العالم، ويعرف الملايين من البشر، ومن ضمنهم ملايين الأمريكيين، أن جورج دبليو بوش مجرم حرب، ورغم أن القوة الطاغية في عالم متوحش منحته سلطة وضع المكافحين من أجل الحرية على قائمة الإرهاب فإن التاريخ أصدر حكمه النهائي، وإلى جنوب إفريقيا سافر الرئيس الأمريكي باراك أوباما لينال شرف تشييع مانديلا رمز الحرية والإنسانية.
مسيرة شعب جنوب إفريقيا وماديبا نحو الحرية فيها ما يلهم الشعب الفلسطيني ومقاومته في كفاحهم لاستعادة أرضهم، فالمواجهة في فلسطين هي مع نسخة طبق الأصل لنظام الأبارتايد وممارساته الإجرامية، وليس صدفة أن نظامي بريتوريا وتل أبيب ظلا حليفين إلى آخر لحظة، وخلفهما كانت تقف قوة الشر العظمى، وقد تقاسما حلم إبادة أصحاب الأرض وسرقة الأرض إلى الأبد تماما مثلما تقاسما صفة الدولة المنبوذة.
سقط الأبارتايد في جنوب إفريقيا ومعه سقطت لائحة الإرهاب الأمريكية، ولابد أن يسقط الأبارتايد بنسخته الصهيونية ومعه لوائح الإ هاب الأمريكية والأوروبية، ومهما اجتهدت أمريكا في إرغام أنظمة الحكم العربية على التطبيع من أجل دمج هذا الكيان في هذا المحيط فإن الشعوب التي تنبذه ستكون لها كلمة الفصل في المستقبل.