من أمام أسوار القدس:

القدس:

"حين قدم الإستعمار البريطاني البغيض الجزء الأكبر من فلسطين إلى الحركة الصهيونية قسم القدس إلى قدس شرقية لنا وقدس غربية للحركة الصهيونية. فصارت القدس قدسين . الأولى لنا والثانية لنا."

وسردت أمي اليافاوية بديعة ،الأم التي تخرجت من دار معلمات القدس،سردت لي ،طفلاً، القصة كلها،وحفظتها عن ظهر قلب قلب. فقالت : سماها من بناها،جدنا الكنعاني الأول،أور سالم-مدينة السلام. ومشى فيها الأبن درب الآلام إلى الصليب، سعيداً بالفداء. ومنها صعد الهاشمي الشجاع إلى السماء. العربي الذي يعرف حاراتها حارة حارة،منذ الحارث النبطي، جعل من المدينة كلها-بيت المقدس .الفاروق عمر العظيم ،صاحب الصرخة الاولى في الحرية:(متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)جاء بجلالة قدره ليتسلم المفتاح،ويكتب عهدته الأبدية ،القدس لنا.

من يومها وأنا أقرأ في كتاب الوجود: القدس حلم العطاش إلى السماء، ودرب الرحلة إلى إله الحب، فلسفة العشق الشآمية ،الساكنة أفئدة الصادقين.

الخوذة الحمقاء التي تغلق درب السماء لا تدري هزة الوجدان فرحاً بالسمو،والنفس التي تجهش بالبكاء حقداً عند الجدار،لا تدري الوجد الروحي في رحاب الأقصى وكنيسة القيامة . أيها الغاصب من يستطيع أن يسوّر فضاء الروح ، ويغلق القلب العاشق.

مدينتي يا حبيبتي ،وقفتً عند أسوراك وقالوا لي :لا تحاول وأنت اللاجئ ،فلا تحاول.فرجعت يا حبيبتي بعينين دامعتين وفؤاد كسير .

قال لي صاحبي :لاحق لنا في العناق يا سليل بناة القلاع، أنسيت روح جدك خليل البرقاوي التي فاضت بمدافع نابليون وهو يدافع عن فلسطين، أنسيت المشنقة التي تدلى منها جسد جدك عيسى البرقاوي في دمشق عقوبة من الباشا لأنه دافع عن الكرامة،أنسيت جدك موسى البرقاوي الذي لا يعرف أحد في الشام أين دفنه عساكر السلطان.

لا عناق للقدس إلا وأنت تحمل السيف ،فحين أنحنت أسنة الرماح ماتت طقوس الفرح في القدس.

قالها محزون الفؤاد:القدس جميلة يا أحمد ،تفرح إن دخلتها كبرياءً،وتحزن إن دخلتها خنوعاً و غاضبة إن تسللت إليها هارباً من عيون الحرس.

و قالت لي برقاويه في التسعين تجلس أمام قلعة ذنابة وتلبس الثوب الفلسطيني المزخرف: لا ترسل القبلة من بعيد يا فيلسوف الحب ، فالقبلة من بعيد حيلة العاجز الحزين.

وخاطبني الوحي فقال:الطريق إلى القدس شوق وشوك ،الطريق الشوق الشوك فلسفة في المعنى. فكن قوياً يا ابن القدس ولا تنس ،حين يلهو الزمان بك ،بأنك أبن الحياة.

فصل المقال:

الفلسطيني جوهر يظهر ،الإسرائيلي عرض زائل .فلسطين هي الحقيقة ،إسرائيل هي الزيف.الفلسطيني ابن القيامة والمعراج ،الصهيوني ابن البكاء.الفلسطيني أمل وفرح،الصهيوني يأس وحقد.الفلسطينية انتماء طبيعي لا يحتاج إلا أساطير ليؤكد انتماءه ،الصهيونية انتماء أيديولوجي-اسطوري مصطنع.

والصراع هو بين الحق واللاحق.الحق يمنح صاحبه الأمان بلا أدوات قتل ،اللّاحق يحتاج إلى قنبلة ذرية وجيش وعنصرية ليشعر بالأمان ولن يشعر.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات