دعهم يتبولون علينا ودعنا نبكي

يحكى أن أحدهم كان له ابن بلغ مبلغ الرشد، فأهداه بيتا فخما، وعمل على تزويجه فتاة ذات حسب ونسب، فأصبح الابن زوجا يقطن بيتا فارها مع زوجة يغبط عليها.

وكان في الحي سفهاء وخفافيش، ولسبب ما وجدوا جرأة جعلتهم يدخلون بيت الابن / الزوج ويأتون داخله ما لا يجب فعله، و الزوج في كل ذلك لا يتكلم بل ولا يعترض أصلا إلا أن يكون في قلبه مما تتدافع به الخواطر، حتى تمادوا فأصبحوا يتواعدون بالبيت و يتنادمون ويسكرون داخله، كل ذلك والزوجة تحضرهم.

ثم كان أن وفد عليهم صعلوك آخر به شيء من خفة عقل و بعض من تنطع وتفاهة ولعلها أحيانا تجتمع فيه كلها معا، فتشارك مع من سبقه في الاستخفاف بالبيت وأهله، واتخذه من سبقه زعيما لهم.

حتى علم أهل الفتاة بالموضوع، فكلموا الابن / الزوج وطالبوه بأن يعمل على صيانة حرمة زوجته حيث يلمّ بها الغرباء والصعاليك حتى في غيابه.

وكان رد الزوج أن ضحك منهم ومضى ولم يعقب، وكان الأب في حيرة من موقف ابنه ولكنه لم يرد أن يتركه نهبا للأصهار و كان يضطر كل مرة لابتداع ما يواجه به غضبهم، فمرة يقول لهم إن ابنه حكيم ينظر لأفق بعيد ويعلم ما لا نعلم ولا يريد أن يعامل أولئك الصعاليك بالحزم وينزل لمستواهم، ومرة يقول لهم إن ابنه تصدق بعرضه وهو يشكو أولئك المعتدين لربه وسوف يكون لهم خصيما يوم القيامة، ومرة يقول لهم نحن عائلة متحضرة ولن نرد على العنف والاستفزازات حتى ولو أهانوننا، ومرة أخرى يقول أن الصعاليك يحركهم الحساد والأعداء يريدوننا أن نرد على الاستفزازات ولو رددنا لكنا وقعنا في مخططاتهم، لكن الزوج كان بالمقابل يتألم ويبكي في نفسه مما يلقاه من المعتدين.

حتى تمادى العجز وتطبّع معه، وصار لكأنّ لسان حال الزوج وعشيرته التي تدافع عنه: دعهم يتبولون علينا ودعنا نبكي، إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

ومضت الأيام وتكاثر الصعاليك بالبيت وكان صاحبنا الزوج في كل مرة يتلقى بخنوع يقرب للتسليم ما يبتدعه سفهاء الحي من إهانات حتى وقع اغتصاب الزوجة وهو في كل ذلك قابل بمصيره القبيح وأهله يدفعون عنه ما يلقاه من تقريع، وكان أن انجبت الزوجة سفاحا، والزوج لم يتحرك، ثم أخيرا قام الصعلوك بطرد الزوج من البيت واتخذ الزوجة خليلة واستولى على البيت وأثاثه.

ساعتها، ساعتها فقط تحرك الزوج وأباه وعشيرته مطالبين أهل الحي بالوقوف معهم للقصاص من المعتدي مغتصب الزوجة وإخراجه من البيت.

الكل تنادى لطرد الصعلوك وعقابه وبدؤوا يتحاجّون في ذلك، لكنهم لم يذكروا بسوء باقي السفهاء ممن سبق بالاعتداء على البيت، ولم يذكروا مجرد ذكر أفاعيلهم و إهاناتهم ولم يذكروا اغتصاب الزوجة ولم يذكروا ابن السفاح، ولعلهم بذلك تطبعوا مع تلك الأفاعيل، لم ينتبهوا إلا لآخر الصعاليك.

أنا بالمقابل اعتقد أن من يجب البدء بعقابه واستبعاده هو الزوج المنكسر ثم الخفافيش الصغار ثم كبير الصعاليك، لأن جرأة كل أولئك إنما كانت نتيجة لتفريط وانكسار الزوج "الحكيم" وعشيرته التي كانت تدافع عنه، و أن اغتصاب الزوجة سببه أن الزوج ليس أهلا أصلا لان يقع معادلته بفتاة بذلك المستوى و أنه ليس جديرا أن يستؤمن على بيت فخم، وأنه إن أبقي مع تلك الفتاة فسيغتصبها صعلوك آخر وسيتناهشها سفهاء آخرون.

ثم إن زوجا يغلبه من به خفة عقل، لجدير أن يركل ويطرد لحيث يستحق، أما الصعلوك فأمره يسير لو كان من يتصدى له رجال ذوو حزم وحسم.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
فوزي مسعود
15/12/2021 09:19
الصحيح هو: تحرك الزوج وأبوه... وليس: ....تحرك الزوج وأباه اعتذر عن مثل هذه الاخطاء التي لا تلوح لي الا بعد النشر