الحمد لله على التقاعد من الوظيفة العموميًة والدبلوماسيًة كي لا أجابه الامتحان العسير بتفسير الموقف الرسمي التونسي تجاه القضيًة الفلسطينيًة في المنتظم الدولي.
أربعون سنة خدمة في الدبلوماسيًة وفي مناصب عليا تجعلني أتساءل عن مال الضوابط التاريخيًة للدبلوماسيًة التونسيًة التي جعلت غولدا مايير تضع الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة في صدارة أعداء إسرائيل بتعلًقه بالشرعيًة الدوليًة و منهجيًة التفاوض و مرحليًة المكاسب.
اتذكًر القصف الإسرائيلي لمركز القيادة الفلسطينيًة بحمام الشاطيء يوم 5 أكتوبر 1985 وكنت قد التحقت منذ قرابة أسبوعين بسفارتنا بواشنطن وقد هدًد آنذاك الرئيس الحبيب بورقيبة بقطع العلاقات الدبلوماسيًة مع الولايات المتًحدة الأمريكيًة في حالة اعتراضها كالعادة على قرار مجلس الأمن لإدانة العدوان الإسرائيلي.
و قد ناداني آنذاك السفير سي الحبيب بن يحي و أمرني بعدم التسرًع في التعاقد لكراء مسكن لان الطاقم الدبلوماسي بأسره قد يرجع الى البلاد في اجل قريب.
و إثر مشاورات و تدخًلات معقًدة اتمنًى أن يفصح بها سي الحبيب بن يحي في مذكًراته انتهى الأمر بامتناع الوفد الأمريكي عن استعمال حقً النقض بصفة استثنائيًة كي يسجًل مجلس الأمن إدانة واضحة للعدوان الإسرائيلي على التراب التونسي.
الحمد لله على دبلوماسيًة العهد الجديد و حرصها الثابت على الذود على كرامة و سيادة البلاد و سلامة ترابها و مواطنيها و دعمها الراسخ للقضيًة الفلسطينيًة.