تسير الأوضاع نحو حالة من الانفراج والتهدئة والتفاهمات تقتضي مصلحة سوريا بلدا وشعبا تعزيزها :
-1- اتفاق تاريخي، مبدئي لامحالة، بين قوات سوريا الديمقراطية الطرف الفاعل في الشمال الشرقي السوري والهيئة الحاكمة الجديدة بقيادة احمد الشرع ، تتخلى بموجبه الأولى عن المطالبة المنسوبة اليها بحكم ذاتي في إطار فدرالي وبالتالي اندماجها صلب أجهزة الدولة مع ترك تفاصيل صيغة الاندماج بالجيش الوطني ونوع اللامركزية الإدارية الممكنة إلى تفاهمات لاحقة.
والراجح أن إقرار الاتفاق بعد مماطلات من الطرف الكردي الذي كان يحاول تحسين شروطه تم بضغط من الدولة العميقة للولايات المتحدة .ففي مقابل الخطاب العدائي لوزير خارجية أمريكي تبنى اتهامات الكيان للقيادة السورية الجديدة بالإرهاب والعنف ولا ينتظر منه التشجيع على خطوة كهذه - يبدو أن للجيش الأمريكي ومخابراته رايا أخر وحساباته استراتيجية لا سياسوية شعبوية ، وانه ضغط على قيادة قسد كي تتبنى موقفا مرنا وبالمقابل فإن الاتفاق تم دون علم الطرف التركي الذي اضطر للقبول بالأمر الواقع و بينما كان يمني النفس بتوجيه ضربات لقسد ، وهو تطور يفند أو يضع حدا لحكاية التبعية المطلقة للجولاني إزاء تركيا.
-2- اتفاق مبدئي مع ممثلي السويداء على إدارة الشأن الأمني والانخراط في الجيش الوطني الجديد وإقرار وحدة الدولة. بالتوازي يهدد وزير حرب الكيان احمد الشرع مباشرة بعد أن افسد حلمه بتقسيم سوريا ويحرك عميله الشيخ الروحي للدروز بالجليل بفلسطين المحتلة من اجل جلب دروز سوريا لما يريده .
-3 -تثير الأعمال العدوانية الإسرائيلية ردود فعل مناهضة سواء لدى دروز السويداء الذين شكلوا لواءا مستعدا للدفاع عن أراضي سوريا أو لدى قوات سوريا الديمقراطية التي تعد نحو 100 الف مقاتل ومقاتلة (نعم إذ القوات الكردية نسائية بنسبة عالية ! ) والتي أعلن قائدها مظلوم عبدي استعداده للدفاع عن سوريا بما في ذلك مناطقها المحاذية للكيان .
-4- يبقى جرح الساحل حيث يتمركز العلويون وهو يتطلب كي يندمل جهدا من الجهتين : بوضع حد للجرائم التي ارتكبها الشبيحة بقيادة مجرمي الحرب الأهلية من أركان نظام الأسد وبإيقاف الأعمال الانتقامية العمياء للسنة المتضررين و للميليشيات الإسلامية .
-5- تقتضي المصلحة من السوريين الاتفاق على ميثاق للتعايش يتطلب أولا التحقيق في الجرائم الأخيرة وإيقاف المعتدين ومحاكمتهم كما يتطلب وضع إطار قانوني للعدالة الانتقالية وإصدار وثيقة دستورية حول الحريات والضمانات المتعلقة بحقوق الأقليات الدينية والقومية وغيرها مع إقرار حق الأغلبية في إدارة البلاد ورسم سياسة الدولة.
ملحق : تم الإعلان عن نص وثيقة دستورية أعدتها لجنة مضيقة وهي بصدد إثارة الجدل وتلقى اعتراضات تخص علاقة الدولة بالدين ومصدر التشريع وسنتابع الموضوع.
الخلاصة : تتسارع الأحداث وعجلة التاريخ في اتجاه إيجابي يتطلب التعزيز وذلك من زاوية مصلحة سوريا- ومصلحة الأمة العربية- في حفظ وحدتها التي هي شرط لاستعادة سيادتها كاملة واسترجاع الجولان المغتصب منذ خمسين سنة زاد عليها المعتدي أخيرا بالتمدد حتى اشرف على دمشق .
كذلك يعزز تقارب مكونات الساحة السورية ، وسواء تعارضت مصالح القوى العظمى والإقليمية أو تقاربت ، فرص إنتاج حالة تسمح لكل فريق سوري بالاستقلال عن حماته أو داعميه والذهاب نحو لحمة وطنية بين خصوم بل أعداء الأمس . بيد أن النقطة الحرجة ستبقى رهينة بسط حالة من الأمن في كل اطراف البلاد ومن الشعور بالأمان على الأرواح والأعراض والأرزاق من جانب كل مكونات الشعب السوري .
لن يكون الأمر سهلا ولكنه قابل للتحقيق اذا صدقت العزائم .