نقابتي الصحة والتعليم: ثقافة ترذيل الرموز الاعتبارية للمجتمع

الجدل النقابي بين نقابتي الصحة والتعليم يبرز وجه الأزمة التي تكرست بسبب توهم البعض أن الثورة فرصة لكل واحد منا ان يقتطع من البلد ما ينفعه هو وحده فقط وهو ما يطلق عليه بالقطاعية فقد شهدنا تنازع البلد من نقابات مختلفة وافراد ومجموعات كل يسارع للاقتطاع قدر الامكان ظنا منه أن الفرصة لن تعاد وأن مدام سعاد التي هي تونس هنا ستبقى على ذمته ولن تغادر "نصبته" وتشتري كل شئ بدينار ناسيا انه في آخر النهار ستنتبه مدام سعاد إلى أن "نصبته" لم يعد فيها شئ للبيع وأن دنانيرها هي نفدت.

الوجه الثاني للأزمة وهو وجه أعمق و أخطر وفيه عنصران العنصر الأول يتعلق بنجاح ثقافة ترذيل الرموز الاعتبارية للمجتمع وهي ثقافة انطلقت منذ بداية الاستقلال مع مسلسلات الحاج كلوف والفكاهيات المبتذلة ضد المعلمين والأساتذة وكل رموز المجتمع لذلك يستسهل طبيب قضى ربع عمره لا يتكلم الا حين يرفع اصبعه طالبا الاذن من أستاذه يستسهل الان التطاول عليه ببساطة لأمر ليس له فيه دخل لكن مسؤولية المربين هنا تبرز من خلال ترذيلهم لأنفسهم بصفتهم وليس بأشخاصهم فخروج المدرس من طور الأستاذ /المربي إلى المدرس الموظف و احيانا التاجر المدرس سهل التطاول عليه .

العنصر الثاني في وجه الأزمة الأعمق هو رداءة التعليم وغياب ارادة سياسية واضحة لإصلاحها وهنا اجرم الجميع بلا استثناء في هذا التهاون وهم يدركون أنه لا نهوض للبلد بدون اصلاح تعليمنا اصلاحا يعيد الهيبة للمربي وللتعليم كسلم للرقي الاجتماعي (سنغافورة وكوريا الجنوبية مثالان للنهوض بسبب اصلاح التعليم وتجربتهما انطلقت مع تونس) طبعا التساؤل هنا عن سبب هذا التهاون مشروع وهي اسباب تختلف باختلاف مواقع الفاعلين فبعضهم لارتباطات خارجية وأخرين لاعتبارات ايديولوجية ثقافية.. الخ

هذه تدوينة لا تنفي الاستثناء والاستثناء لا ينفي الظاهرة، بل يؤكدها فرجاء لا تحرفوا النقاش فأنا لا اشخص وضع الأفراد، بل وضع القطاعات والظواهر في المجتمع.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات