
من طلب التعويض...ليس على النضال...وإنما على الأضرار التي اقترفها بدون وجه حق بن علي وجلادوه في شخصه... وهي مختلفة ومتنوعة وصلت حد الموت...وطالت نشطاء كل العائلات الفكرية والسياسية الذين مارسوا حقوقهم... وتضرر منها بالتبعية حتى من لم يناضلوا... بسبب نضال أحد أفراد عائلاتهم…
وعندما يتساءل ازلام بن علي "بقداش كيلو نضال"... وهم الذين كانوا مساندين لذلك القمع...فإنهم في الأصل يتهكمون على كل تونسي مارس حقوقه المواطنية وناضل ضد الاستبداد... أسفي على من سقطوا في دعايتهم…
خلافك او حتى كرهك لليساريين...والنقابيين...والحقوقيين...لا يعطيك الحق بأن تنفي عليهم حقوقهم المضمونة بالدستور مثل حق المعارضة (موش حطان العصا في العجلة)...او حق الإضراب...او حق التشهير بانتهاك الحقوق المضمونة و بخرق الدستور…
خلافك او كرهك للمطالب الإجتماعية للمواطنين المحتجين سلميا...لا يسمح لك بأن تحملهم ما تقترفه بعض العصابات التي تنتهز الفرصة للاعتداء على الأشخاص ونهب وحرق الاملاك... كرهك للإرهاب...لا يسمح لك بأن تكون منتهكا للمحاكمة العادلة وللحقوق المدنية وحقوق المواطنة ولحقوق الإنسان...التي هي من أسس دولة المواطنة الديمقراطية... خلافك أو كرهك لحركة النهضة...لا يسمح لك بأن تتفوه بعبارة كريهة نتنة مثل "بقداش كيلو نضال"... لأنك هكذا تعترف ضمنيا انك كنت في الماضي...وستكون غدا لا محالة... من مساندي الاستبداد والقمع... والتعذيب واغتصاب النساء والرجال...والقتل تحت التعذيب...والإهمال الصحي في السجون...وقطع الأرزاق...والفرز الأمني...وسياسة تجويع الأطفال ليرتدع والديهم...الخ…
وهي مشاركة لا أخلاقية وسياسية في تلك الجرائم الفضيعة...خصوصا وأنك تعلم أن الاستبداد طال جميع العائلات الفكرية والسياسية... وبالتالي فان مشكلك الأصلي ليس مع حركة النهضة ان كنت ممن تحالف معها منذ 2014...وأنت الذي لم يطرح أبدا مسألة التعويضات من قبل...وطرحتها الآن فقط لأنك دخلت في خصومة سياسوية معها…
ولكن لأن مشكلك هو في الأصل ضد فكرة التعويض للضحايا عن الجرائم التي اقترفتها دولة الاستبداد في حقهم من اساسها...بما انك كنت من أركانها او مسانديها او تتمعش لديها و موافق بالسكوت عن جرائمها...وان فكرة التعويض تدغدغ ما تبقى من ضميرك إن تبقى شيء منه...أنت المشارك سياسيا وأخلاقيا في تلك الجرائم…
وإن كنت من الساكتين فنصيحتي لك ان تواصل السكوت حتى لا تصبح شريكا لهؤلاء...بإنكار العدالة…
كرهك للتنظيم السري...وللمسؤولين عن الاغتيالات مهما كانوا...لا يسمح لك بأن تطالب بحرمان المواطنين الذين ينتمون لحركة النهضة بحرمانهم من حقوقهم المدنية والسياسية والمشاركة السياسية...لأن الجريمة شخصية...ولأنها عقلية استئصالية...ومارسها قبلك بن علي...وما جبت شيء جديد... لأنه في تلك الحالات...فأنتم المختلفون... لا تختلفون من حيث الجوهر عن بعضكم البعض... لأنكم في نظري تنظرون لمشاريع مجتمعات استبدادية...لا تختلف سوى في الشكل...لأنكم لا تختلفون مع بعضكم إلا في المنطلقات الفكرية والسياسية...والنتيجة هي هي…
ملاحظة اخيرة…
أما ان كنت من ضحايا الاستبداد وعدلت عن حقك في التعويضات مثلي...فشكرا لك لتنازلك عن حقك بقرارك الشخصي... ولكن قرارك الشخصي هذا لا يسمح لك بالتشهير بمن كان ضحية الاستبداد مثلك... والمزايدة عليه...لأنه تمسك بحقه في التعويض...لأنه حقه…ولست مقدم عليه…
هذا طبعا ان كنت ناضلت من أجل دولة تحترم الحقوق وترجعها لأصحابها….وليس لغيرها..