هل نسينا أن ملحمة بن قردان لم تكن أبدا “قصة”؟ هي جزء عميق من وجداننا.. فهل نجرؤ على تبسيطها؟هل نسمح بكتابة ركيكة أو إخراج مرتجل أو معالجة سطحية؟ هل يقبل هذا الشعب أن يتحوّل تاريخه إلى منتوج بلا روح؟

فلسطين ليست مرآة نُصفّي فيها حساباتنا، ولا منصة نُثبت من خلالها ولاءنا. فلسطين هي قضية إنسانية، أخلاقية، تاريخية، تتطلب منا أن نكتب عنها بصدق، لا بتنافس. أن نُسلّط الضوء على من دعمها، لا أن نُهاجم من كتب عن ذلك الدعم.

طرق القتل كثيرة يا أنس، ولقد علّمتنا أنّ أبسطها وأسهلها الصّواريخ! قتلناكم بالخذلان، بالغدر وبالخيانة، بموالاة من عاداكم ومعاداة من والاكم! قتلناكم! ولنا جميعا من دمكم نصيب!

الصّورة تنطق بكثير من الدّلالات. طفولةٌ بريئة يغادر وجهُها النّاعمُ فتحةً في قماش مسكن لا يحمي من قَرّ ولا حرّ تأوي إليه وإلى أشباهه مئاتُ الأُسر الغزّاويّة المرحّلة كرها من منازلها التي أضحت رُكاما بفعل أسلحة عالم غربيّ حرباويّ متلوّن متواطئ مع أبشع محتلّ عرفه تاريخ البشريّة.

من ينتحر حرقا يريد أن يجعل من مشهدية موته المروّع رسالة أخيرة لهذا العالم الذي ظلمه وسحق أحلامه ودمّر طموحاته…يريد من هذا العالم الذي ظلمه ورفضه أن يشاهد جريمته فيه.. يريد أن يعذّب ضميرنا بموته كما عذّبناه في حياته عندما لم ننتبه كمجتمع لآلامه.

لقد كان رأس غزة مطلوبا عربيا قبل أن يطلبه العدو، وهي إذ تتلقى المساعدات الآن ممن ساهم في تدميرها، لا تنسينا أن هذه المساعدات لن تغطي الخذلان الأصلي ولن تبرّئ ساحة المساعدين من جريمة تاريخية.

أبا إبراهيم السّنوار، اُرقدْ قريرَ العيْن فما توقّفتْ حماس عن الجهاد باستشهاد معلّمِيك وزملاء دربك من عزّ الدّين القسّام إلى إسماعيل هنيّة مروراً بعبد العزيز الرّنتيسي والشّيخ الكسيح أحمد ياسين... لن يَضيع حلمُك وأحلامُنا وإن طال الزّمان، ولا أراه يطول…