مع مطلع القرن العشرين كان العالَم الإسلامي من أقصاه إلى أدناه، يعيش أحوالًا متدهورة بعد أن تمزَّق إلى أشلاء، ووقعت أغلب بلدانه فريسة للاستعمار، وبحلول عام 1905م، الذي شهد رحيل الإمام محمد عبده،

فهناك حرب على العربية من الدعاة إلى الفرنكوفونية والأنغلوفونية.ورغم كل ما يقال عن العربية اليوم فإنها في وضع أحسن مما كانت عليه في القرن الماضي بسبب تطور وسائل الإعلام التي ساهمت في جعل العربية الفصيحة مقبولة ومتداولة بين الناس العاديين.

لا ينتمي الكلام المعسول بحق اللغة، أية لغة، إلى العقل المفكر، بل هو إلى لغة العجز أقرب. فكل قول عن حال اللغة ليس سوى قول عن أحوال العقل المتعين. فلنحدد أحوال عقلنا كي نحدد حال لغتنا؟

كما أنها لسانُ الله يوم القيامة لقولِ رسولنا الكريم: تعلموا العربية وعلموها الناس فإنها لسان الله يوم القيامة. فواجبٌ علينا أن نُعيد هيبتها وفصاحتها، ونوقف تراجعها وننهض بها بمحسابةِ كُل من يفقدها هيبتها بإدخال الكلمات المعجمة عليها، وخلطها بمصطلحاتٍ غربية، وبجعلها لُغة الحوارِ السائد.

نريد أن ننظر في تفاصل عملية تكون الإدراك ثم الوعي لدى ضحية عمليات التوجيه الذهني المستهدفة للتونسيين، وسنحاول فهم مكونات ذلك المسار الذي يمكن التحكم فيه بغرض خلق وعي مصطنع أو مصنّع، يسهل من خلاله ضخ محتويات تخدم مصلحة صاحب عملية التوجيه وهم في حالتنا فرنسا وبقاياها بتونس وعموم الفواعل الإلحاقية

وضع الأدنى العقلي يقويه انعدام الفاعلية الذاتية، وهي حالة تلعب فيها آليات معينة دورا مهما لتكريس وضع البلادة الذهنية، ومن تلك الآليات: التفسير النتائجي / النقطي عوض التفسير السببي.

اللغة الفرنسية ليست لغة العلم ولا التقنيات، فيجب إذن إستبعادها من الإستعمال تدريجيا ومنع تعليمها من كل مستويات التدريس، وتركها مجرد لغة ثانوية لأهل الإختصاص.