يصاب القاتل بوصمة مدى الحياة لا يشفى منها أبدا، أنا رأيتها في عيون الكثير من القتلة: عينان فارغتان تحيلان على قلق ورعب توقع القتل، لأن القتيل يصيب قاتله بعدوى رعب ما قبل الموت، يجعله يتجاوز بلا عودة وإلى الأبد حاجز الإنسانية إلى الوحشية والعزلة والخوف، حين يقترف تلك الجريمة التي لا يمكن إصلاحها أبدا

في بداية هذا الأسبوع، قام محمد فارح بمراسلة الشركة الأم بايطاليا و أعلمها بجميع التجاوزات التي ارتكبها المدير الايطالي. منذ يومين، أعلم محمد صديقه المحامي الاستاذ بسام الحمروني بأنه قد تلقى تهديدات جراء مراسلته للشركة الام بايطاليا

الذين يؤمنون بها يعلمون انها مسار طويل ويعرفون ان الثورات،كل الثورات عبر التاريخ،لم تنتصر قط بالضربة القاضية: تبدأ بكسر حاجز الخوف في قلوب الناس ثم تبقى تصارع النظام القديم والاكراهات الخارجية وكل عمليات تخريبها الي ان تنتشر روحها في الجميع

عندما يصل الحاكم وجماعته إلى مرحلة لا يُشكّل فيها القتل لديهم مشكلة أخلاقية بالمطلق، لا يعود -هنا- تفكير لا بالقتل ولا بأساليب القتل ولا بعدد المقتولين، ولا تعود حياة الآخر بالنسبة إليه ذات قيمة.

خطاب السيد الشاهدّ ظهر وبطن. ظهر أعطى ظهره فيه للمواطن ومدّ يده للأحزاب فإذا هو يصارح ولا يصارح، يشجع ولا يشجع، يجرؤ ولا يجرؤ. وبطن يخفي كثيرا من العجز أمام من يحرّكون بخيوطهم المشهد ويصنعون الخوف ويحبطون العزم.

بكى السّيد أوباما لهول عملية القتل الهمجي. نعم أنا العربي الموجوع بمآس غارقة في وحل الاستبداد و الأميّة أشاهد دموع أقوى رئيس دولة في العالم تنزل على خديّه. ولم أر دمعا يخرج من مقلتي حكامنا على شعوب ديست كرامتها و أهينت حرماتها.

نجح عبر التاريخ الكثير من " الثورات " سياسيا وعسكريا بينما لم نجد ثورة فكرية واحدة تنجح نجاحا حقيقيا بل تُحارب حربا شعواء من أرباب العروش والكروش وممّن يسير في ركابهم من انتهازيين ووصوليين وغوغاء ..