هل من معنى للتطرف في إسرائيل؟

الإستراتيجية الإسرائيلية فيما يخص القضية الفلسطينية وكفاح الشعب الفلسطيني من أجل تحرير أرضه عبارة عن جوقة واحدة في جوهرها، وليس التطرف والاعتدال المزعومين إلا تنويعتين تؤديان وظيفة سياسية عسكرية واحدة ولكنهما مختلفتان تكتيكيا من حيث الأسلوب والنبرة.

ولذا فإن الحديث عن "يمين إسرائيلي متطرف" من زاوية القضية العربية الأم يخدم الاستراتيجية الصهيونية ويحمي نظامها ولو بالتضحية بأحد عناصرها المنعوتة بالجنون والحال أن الجنون كامن في صلب إسرائيل.

تركيز غالبية السياسيين، ومعهم الإعلام الغربي، على تطرف نتنياهو وزمرته فإنما المقصود منه إنقاذ المنظومة الإسرائيلية بأكملها وتبرير منطقها الحربي والتوسعي. وللأسف، انجرت وسائل إعلام عربية، ولو عن حسن نية، وراء إفراد حكومة نتنياهو بالتطرف.

إن ما نشاهده من حرب إبادة على غزة جذوره منغرسة عميقا في غالبية صفوف المجتمع الإسرائيلي. إن اليهود الأجانب منهم، أي المستقرين في فلسطين إثر وعد بلفور، جميعهم مستوطنون بالقوة، بدأوا، قبل قيام الكيان سنة 1948، بحمل السلاح ضد الفلسطينيين، وانتهوا اليوم إلى التسلح العام في الضفة الغربية.

ولم نشهد داخل إسرائيل، منذ أكثر من شهرين، مظاهرة مميزة ضد الحرب بما هي حرب إبادة ضد فلسطينيِّي غزة، اللهم لأجل إطلاق سراح الأسرى. مظاهر يومية كثيرة تشهد على أن "الــلّاشعــور" الإسرائيلي يستبطن في طياته الدفينة التطرف والعنف المادي والرمزي.

لا يمكن مطلقا للإسرائيليين أن يكونوا خلاف ذلك، لا لسبب عرقي جوهراني، فكلا، ولكن بسبب "طـبـيـعـة" الاحتلال الاستيطاني. وإذن فالخلافات السياسية الإسرائيلية الداخلية خلافات في الدرجة لا في النوع, اللهم أن يحدِث الخوفُ الوجودي ارتجاجا عظيما في المجتمع الإسرائيلي فيتغير المشهد تماما ومعه الموقف من الحرب.

يجب فهم تلك الخلافات باحتراس شديد دونما تقليل منها، ولكن وبالخصوص دونما تضخيم دعائي مقصود.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات