"هربنا من القطرة، قد نقع تحت الميزاب"

رأيي فيما يخص تصريح رئيس الجمهورية يوم الخميس 06 أفريل 2023 حول رفض املاءات صندوق النقد الدولي : "هربنا من القطرة، قد نقع تحت الميزاب"

- أشاطر رئيس الجمهورية تخوفه من تداعيات رفع الدعم على المواد الأساسية وعلى المحروقات على السلم الاجتماعي وقد كنت قبل ذلك صرحت في عديد الفضاءات الاعلامية بوجوب تأجيل ذلك بعد إقناع صندوق النقد الدولي من طرف الحكومة التونسية أن الظرف الصعب التي تعيشه تونس من ارتفاع معدلات التضخم المالي لا يساعد على ذلك في الوقت الحاضر خاصة وأن الظرف الدولي من انخفاض الأسعار العالمية للنفط تحت سقف فرضية ميزانية الدولة لهذه السنة قد أعطى أريحية لميزانية هذا العام تقريبا بنفس المبلغ الذي وقع عليه الإتفاق مع خبراء الصندوق.

- لكن رئيس الجمهورية كان قد ختم قانون المالية لسنة 2023 وهو الذي يتضمن رفع الدعم على المحروقات وعلى المواد الأساسية وبالتالي كان قد أعلن قبوله للإصلاحات المتفق عليها مع خبراء الصندوق وهذا يعتبر تضاربا مع تصريحه الأخير.

- لو قدم رئيس الجمهورية برنامجا بديلا للبرنامج المتفق عليه مع الصندوق لكان تصريحه مقنعا، لكنه لم يعط توضيحا لهذا البرنامج البديل ولا حتى تلميحا لأهم توجهاته بالرغم من وجود مقترحات عدة لذلك ومن بينها ما صرحت به سابقا من خطة ب متكونة من أربع محاور نشرتها عبر وسائل الإعلام.

- تخوفات رئيس الجمهورية من تداعيات رفع الدعم على السلم الاجتماعي لا يمكن تلافيها بمثل هذا التصريح والذي يضعف قدرة تونس على الحصول على التمويلات الخارجية من العملة الصعبة خاصة إن توجه صندوق النقد الدولي نحو الرفض.

فتآكل المدخرات من العملة الصعبة في خزينة البنك المركزي بدون تعبئة موارد أخرى سيسهم في مزيد تراجع قيمة الدينار التونسي وبالتالي مزيد ارتفاع معدلات التضخم المالي وهو ما سيهدد السلم الاجتماعي. بل أن التوجه الى مزيد الاقتراض الداخلي لتعويض الاقتراض الخارجي سيهدد استقرار النظام البنكي ويسهم لا فقط في مزيد اشتعال الأسعار، بل كذلك على زعزعة الثقة بين البنوك وحرفائها وهو ما قد يؤدي الى مظاهر شاهدناها في لبنان إثر اندلاع الأزمة المالية.

- قد يؤدي تصريح رئيس الجمهورية الى تقويض المساعي التي تقوم بها إيطاليا وفرنسا لمساعدة تونس على الحصول على التمويلات اللازمة لتونس وإقناع الصندوق بضرورة تقديم الموافقة النهائية للقرض المزمع تقديمه لتونس بالرغم من النويا الأمنية التي تميز تدخلات الجانب الإيطالي (تلافي أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين) وحتى الجانب الجزائري (تأمين الحدود) والنويا التي تحكمها المصالح الاقتصادية من الجانب الفرنسي

- هذا التصريح زعزع الثقة لدى المستثمرين في الأسواق المالية ورأينا كيف كانت التداعيات مباشرة على قيمة الأسهم التونسية في الأسواق العالمية وهو ما قد يسهم في تراجع نوايا الاستثمار الاجنبي المباشر مع التداعيات السلبية على النمو الاقتصادي.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات