ثاروا من أجل التشغيل ... لا لأجل الوطن!

Photo

ثورة البطيخ هذه التي أفضت إلى عدم استقرار الأوضاع وتكالب من هب ودب على سدة الكراسي المعزولة عن الشعب ... فئة المسؤولين يشكلون لجان لمجابهة الكوارث الطبيعية أو المفتعلة في كل مناسبة، تنبثق عنهم الحلول الترقيعية الملاءمة الكافية وحتى الممتازة، لكن لا يتوقعون ولا تبتعد أبصارهم بعيدا عن التعاطي مع الأمر الواقع، ليس لهم نظرة استشرافية ولا يؤمنون ببناء الدولة التي تبقى متينة إلى مستقبل بعيد…

هؤلاء الذين ينظرون إلى مناصبهم كقيمة مضافة إلى رصيدهم المادي و برستيجهم دون القيمة التي يقتضيها واجبهم تجاه الدولة ... تدفع الإدارة مال قارون لأجل هذا البرستيج من سيارات فخمة و وصولات و مستلزمات و لكن علم الدولة القابع فوق مبنى الإدارة قد تمزق و نالت منه الأوساخ، فلا المبنى يدل على شيء و لا خدمة الإدارة تؤشر على قيمة المرفق.

أي بؤس في هذا الوطن ... دأب السياسي على خطاب الخديعة، الخطاب الغني بالشعارات والانتماء والوطن، الخادع الذي لا يحمل رسائل للشعب بل ليستميله استمالة عارضي الازياء لمتتبعيهم ... أفضل متحدث منهم يطرق مسامع الجميع ويسرقها ولكنه لا يترك فيهم أكثر من الخديعة!

سمعنا كثيرا خطابات واراجيف تلاها السياسي والبيروقراطي جميعهم تحدث عن الواجب الوطني الذي يقتضي كذا ... وضرورة التكاتف واللحمة، وقد كفتهم الأموال والفنادق الفخمة مقابل الواجب الوطني ومزقوا كل ما يدعوا الى اللحمة ... أي لحمة وأي تكاتف؟

لم يعد يجمع بيننا كشعب منزوي عن السياسيين أكثر من تشاركنا في الظلم والخداع، حتى الوطن لا يجمع بيننا ولا نؤمن به بل نبحث عن الفرار منه، أصبح كابوسا مزعجا. الدولة التي حولوها إلى مستودع للنهب مفتوح لأصحاب النفوذ ومراكز القوة والمال وفتحوا أبوابها للامبرياليين ومن يبحث عن موطئ قدم على هذه الرقعة الجغرافية حتى أنّ بعضهم إتخذ من الولاء لهم مصعدا يصعد بهم لمراكز القرار.

السياسي في تونس شخص قدم خدماته لقوى إقليمية أو منظمات مدسوسة فدعموه إعلاميا وماليا وجثم بالتالي على الوطن ينهش منه ويخونه ويطعنه! فعلا … من ظن يوما انّ ثورة تنهي هؤولاء المرتزقة وتعزلهم كفيلة بإنهاء مأساة كهذه، قد استبدلهم بمن سلك مسلكهم وتمادى!

لا جدوى من تغيير أحد بعد الان! قبل أن نتهمه بالخيانة ونتمادى في صفهم صفوفهم الواقعية وقبل ذلك أن يكون لنا يقين بالثورة … ثورة لماذا؟ ثورة لمستقبل هذا الوطن وتخليصه من براثن من جثم عليه أو ثورة لأجل التشغيل … أما إن كان لأجل هذه الأخيرة فحتى خدم الاستعمار سيشغلونكم ويعطونكم ما يسد حاجتكم أو بالأحرى ما يسد الأفواه. وقد شهدنا جميعا على كذبة الثورة … بعد أن امتلأت جيوب الثائرين ووضعوا كغيرهم نقطة النهاية لما يسمى بالثورة.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات