السياسة اليوم: السبق المشؤوم والمعالجة المطلوبة …

من خلال هذه التدوينة التي ستعقبها سلسلة تدوينات حول الوضع القائم ومآلاته نبيّن أي خطر دائم مهد له "الخطر الداهم". بداية، نذكّر بأنّه منذ ان سيق برجال الادارة الى سدة الحكم لتغطية فشل رجال السياسة-حسب زعمهم- قوضّت السياسة وبدأت مرحلة البناء المتأني لدولة دكتاتورية معدّلة... او اذا اردنا-في ترجمتها-ديمقراطية بلا سياسة افرغت من كل محتوى. قوام النظام الجديد تهميش كل سياسي وتخوينه وفتح ابواب الحكم على مصرعيها لرجال الادارات.

قد يسأل البعض كيف تكون ديمقراطية بلا سياسة؟

هو كذلك... التحيّل بأمّ عينيه، نسكت العالم بانتخابات نزيهة، ولكن بدون مشاركة اي سياسي، نفتح الاعلام، ولكن لمن نشاء ونقدر، نسمح بالتعدد الذي نحصيه ونحيط به في النهاية!

المتحيلون الجدد... يعرفون انّ الرأي العام في الخارج والداخل لن يقبل بديكتاتور جديد الثورة عليه اهون من الثورة على ديكتاتوريات سابقة كانت اشد صلابة ومتانة وثباتا ومع ذلك أُطيح بها! اذن فالحل حسب هدييهم التلاعب في وسائل الديمقراطية وتعديلها تطويعا للهدف المنشود،

لاحظوا دستوره مثلا، هذا رئيس لا يمكن ان يسأله احد عمّا فعل -على الاقل في الدنيا باعتباره سيسأله الله في الآخرة- السيد المحترم -له منا كل الاحترام-لكن حظّه من الحكم لا تقتضيه الديمقراطية: لا رقابة ولا معدّل له ولا ندّ له!

لا قضاء يلغي، ولا مجلس يستدعي، ولا ضابط، ربّما نعوّل في هذا على الضابط الاخلاقي فهو ضمانتنا الوحيدة في ان لا يستبد الرجل! لكن اقول هذا لا تقتضيه الديمقراطية! اذا تحدثتنا بموضوعية. اذا استفرد أحد بكل هذه الملكات ليس بعيدا ان ينزغ ويجنح، بل الخطأ اقرب اليه من الصواب!

قد قيل فيما قيل: ان تخطئ الجماعة على اجتماعها خير من يصيب فرد! ذلك انّه ان اصاب مرة اخطأ مرات وما يلبث حتى يحمل من حوله على رأيه حملا-فهو الاستبداد- الأخطر مما سبق هو احداثه فجوة ليس من الهين رتقها، السبق الذي لم يسبقه اليه احد لن يكون بعد الان الا عادة ونمطا: في يوم وليلة يحل المجلس-قد لا نتفق معه- وكتب دستوره- وامضى سنّته.وقضى امره.

من السوابق التي ليس من الهين طيّها-نعني ان تصبح مألوفة- محاصرة الجيش للبرلمان مثلا... دون الخوض في الترهات كونه يستحق او لا، ولكن نبحث في الدلالة. لنوضح قبل الخوض في اي موضوع انّه لا تعنينا الاشخاص الموجودة فيه وانتماء اغلبهم او اقلهم! بل العبرة في الخلاصة ومناط الامر أهم من اشخاص ليسوا سوى مرحلة تنتهي كسائر المراحل!

فلنتحدث بعد الان بموضوعية! الموضعية التي تغيب عنا في كل تقييم وموقف! فلان فاسد فلنقضي عليه بكل الوسائل، ثم ما نلبث ان نعاني من هذه الوسائل. فلان نظيف، فليتبول علينا وعلى الدولة لأجل انه نظيف! ما هكذا تورد الابل…

وسنوضح تباعا كيف انّ هذا المسار خطير في نهجه والأخطر منه العودة عنه والتي لا تبدو هينة- حتى بأكبر التكاليف.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات