تأخر زمن الإنقلابات و تقدمت الديمقراطية ..

التداول السلمي على السلطة و الأصح التداول الديمقراطي ، مصطلح جديد لم يعرفه الإعلام التونسي منذ نشأته ، ليس فحسب زمن توارث الحكم من رجل إلى من يعقبه من عترته ... بل حتى بقيام الجمهورية المزيفة التي اتخذ فيها شكل التداول على السلطة من الانقلاب و الدسائس و المؤامرات الآليات و الطرق التي تطرق للقطع مع مرحلة حكم و فتح صفحة جديدة غالبا ما تعنون بالدماء ،

هكذا الحال بدأ مع بن علي ، و لو لم تنهي الثورة حكمه لانتهى عهده أيضا بانقلاب أو بانتقال الحكم إلى أحد أفراد عائلته خصوصا أنّه و في أواخر عهدته قد تحكمت أسرة الرئيس و امتد نفوذها نحو هياكل الدولة ، و قد نجح النظام في ذلك الوقت في ملأ المشهد السياسي و زخرفته فقط بزمرة المقربين و من ينتهز في عالم السياسة حظوة تسد حاجة له من حاجيات النفوذ …

يمكن القول بدون مبالغة أو تنقيص في المدلول أن التداول السلمي قد تكرس فعلا لا فقط بالنسبة للهياكل المتداخلة في الإشراف على عملية الانتقال، بل حتى عند عموم الشعب أو أغلبه ، أصبحت هياكل الانتخابات ذات المكانة المرجوة و الاستقلالية و النزاهة و كل ذلك يعززه رقابة قوية من الرأي العام .

و قد يطول الوقت أكثر من ذلك و يحتاج الشعب إلى مزيد آليات الممارسة الديمقراطية ليثبت عنده و يستقر في وجدانه قرارا نهائيا مدلول التداول على السلطة بالديمقراطية ... و الميزة الأساسية لهذا النظام أنه يفتح الباب لكل من يرى في نفسه في سدة و مرتبة السلطة إلى التقدم إلى الشعب !

و يكون الشعب حاكما بين كل مرحلة ، و تصبح الوعود أساسا للحكم اللاحق على من انتخبه بالنظر لما أنجزه من تلك الوعود ... الأن و بعد أن مرت ثلاث محطات انتخابية تشريعية واحدة منها تأسيسية و 2 نيابية و 2 محطات رئاسية و 1 بلدية ... إستقر عند النخبة بشكل واسع مفصلية العملية الانتخابية كمصعد للسلطة و على بدائيتنا كشعب بصدد التمكين من الآليات الديمقراطية عموما و على ما يعرفه المسار الذي يعقب الانتخابات من ارتدادات قد لا تعبر عن توجهات الناخبين و قد تحيد في بعض النقاط جزئيا أو كليا عن المقبول و لكن ذلك لا يكون إلا حافزا لتكريس الديمقراطية باستبدالهم عبر صناديق الاقتراع ..

واهم من يحيك في الخفاء محاولات اجهاض العملية الديمقراطية بعد كل هذا المسار ، و قد تأخر الوقت كثيرا عليهم ، فلم تمر 10 سنوات على الثورة دون مفاعيل ،، أهم هذه المفاعيل هو بناء مفاهيم لم يعرفها الشعب مطلقا ، و قد كان يحتكرها نخبة من السياسيين الضالعين في المشهد السياسي دون غيرهم من عامة الناس ... قد انتهى زمن الاحتكار للسياسة أولا ، و لم تعد حرب الإستبداد على نخبة معينة بعد أن انتفلتت الأفكار السياسية إلى الجزء الكبير من الشعب بشكل يستعصى معه تطويق حالة الوعي السياسي !

صحيح أنّ بعض الاتجاهات تريد الارتداد و يبدو بعد أن استنفذت محاولات القفز إلى السلطة غصبا و بعد أن تيقنت من أن لا ممر الا ذلك الذي يفتح بالإرادة الشعبية المطلوبة ، قد وجهت مجهوداتها إلى سلب تلك الإرادة و التحكم فيها ... الأن المعركة الحقيقية هي معركة التحكم في إرادة الشعب و توجيهها و في فلك ذلك يدور صراع قوي بين لوبيات المال و أقطاب السياسة لعل أهمها ما يدور في المحطات الإعلامية …

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات