لا أيها الحمقى، لا أحد يهتم بكم…

تُسيطرُ على الكثير من التحليلات، حتى عند ناس يُفترض أنها بعقولها، ذهنية "الشحاته". فالعالمُ بالنسبة إليهم مُنقسم على نفسه، على شاكلة قسمة التونسيين الى عالم طيب وآخر شرير متآمر... غرب مستعمر وسيئ ينهب "خيراتنا" يجب القطع معه، وآخر طيب وخيّر سيمنحنا "نعيمه" علينا بالانخراط في فلكه…

يعتقد هؤلاء الاصدقاء، أن الطيبين سيُغدقون عليهم الأموال وستتدفق مساعداتهم حتى تفيض الخزائن وتخرج تونس من محنتها، فالجزائر - ولية أمرنا- تفاوض نيابة عنا الأشقاء الخليجيين الذين سيفتحون خزائنهم لتخليصنا من الدين والحاجة والجوع…

والصين وروسيا وجنوب أفريقيا والبرازيل ستحلّ محلّ صندوق النقد الدولي السيئ الذي يمارس علينا سلطة الهيمنة ويُملي علينا شروطه، وستدفع لنا "البريكس" ديوننا وتملأ خزائننا الفارغة…

لا يتساءل هؤلاء، لم قد يدفع إلينا هؤلاء "فلسا" واحدا مما ينتظرون؟ ما الذي سينالونه مقابل هذه المساعدات؟؟؟ لا يتساءل هؤلاء لمَ لمْ يدفع لنا صندوق النقد؟ ولم توقفت مساعدات اوروبا وامريكا؟؟؟

إن هذا التقسيم "المانوي" للعالم استمرار لتقسيم اليمين الامريكي ( بوش الابن مثلا) ولتقسيم الحركات الإرهابية( القاعدة مثلا) للعالم، وهو تقسيم عاطفي وجداني غير عقلاني.

علاقة الدول والامم تقوم على المصالح والمنافع، ولا يتم إحترام الدول الا اذا كانت لها عناصر قوة وقدرات استراتيجية على نفع غيرها، وهي وضعية تفتقدها تونس اليوم للأسف. فرغم امتلاكها لعناصر قوة ناعمة كثيرة فإنها تقوم بعملية "هدر متعمّد" لها ولكل الفرص المُتاحة أمامها لتغيير حالها.

لا مكان في علاقات الدول للعواطف والمشاعر والاخوة والعطف، بل للقوة والمصلحة. فلا معنى لعلاقتنا بالجزائر خارج إطار المصلحة، ومصلحة الجزائر في أن تكون تونس بلدا منقسما على نفسه ضعيفا ومحتاجا وله اقتصاد منهار ينخره الفساد وتسيطر عليه مافيا التهريب المرتبطة جوهريا بها....

ولا مصلحة لإيطاليا الا في أن تكون تونس بلدا لا ديمقراطيا ولا يحترم حقوق الإنسان حتى تكون شرطيا يحمي حدوده. ولا مصلحة للصين الا في أن نكون حديقة خلفية لشركاتها، تنتصب عندنا بعمالها وآلاتها وتصدر منتوجاتها لأوروبا ولا نفوز منها بغير التلوث والفضلات، ولا مصلحة للخليج في تونس ( ومصالحنا وعلاقاتنا بهم أقوى من علاقات الجزائر بهم) بقدر تخلينا على شعارات الحرية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان ،والانتخابات.

لم تساعدنا أمريكا وأوروبا لأنهم كانوا يحبون تونس، بل لأنهم يريدون تونس بلدا يشبههم من جهة قيم الحرية واقتصاد السوق....وعندما خرجنا عن ذلك المسار توقفت المساعدات.

اليوم مصيبتنا في نخبة لا تتبع غير "الهوى" تحن للاستبداد والطاعة، يليق بها ما تعيشه... نخبة تظن أن العالم لا ينام الليل ويظل "سهرانا" متحيّرا على شعب تونس الجائع…

لا أيها الحمقى، لا أحد يهتم بكم…

شعب كسول يكره العمل ويحلم بالثروات التي ستفيض عليه وهو "قاعد".... بلد متسخ وشعب "وسخ" ماديا وقيميا... وفوضى الطريق والمعاملات والعنف والفساد تسيطر على كل شيئ... حقد وشماته وعنصرية وكراهية للآخر المختلف... شنو اللي يعجب؟ شنو اللي باش يخلي العالم يتسابق على خدمة ها البلاد وشعبها؟ لا شيء…

ورغم ذلك فإني مؤمن أن تغيير حال تونس يمر عبر تدعيم الانتماء إلى مجالها الحتمي والانفتاح على شمالها، حيث الحرية والديمقراطية والدولة العقلانية…

تونس تظل بلاد الفرص ... تونس ستكون ديمقراطية…

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات