رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية

هكذا استهدفت التقارير البوليسية الكاذبة ووزيرة العدل أفضل وكلاء الجمهورية ودفعتك لعزلهم. من باب " رحم الله عبدا أهداني عيوبي" اكتب لك حرصا ان تصلك الهدايا منى واضحة دون مجاملة وانت الذي تستحضر سيرة الفاروق العادل عمر رضي الله عنه ومعاني رسالته الشهيرة في كل خطاباتك مقدما نفسك اليوم لخدمة شعبك ساعيا لإقامة العدل بين الرعية .

ارتأيت ان ابعث لك بهذه الرسالة في هذا الفضاء الذي اصبحت له فرق امنية مختصة ترصد كل شيء عسى ان تجد كلماتها صدى وقْعٍ ليستفيق بها ضميرك و تراجع تلك القرارات فما قمت به هو ظلم بواح تنفطر منه الانفس .

اريد ان اخبرك بأن تلك التقارير الامنية التى حررها ضباط يترأسون ادارات حساسة في الدولة تضمنت مغالطات كبيرة انبنت عليها قرارت الاعفاء . هل تسألت لماذا استهدفت التقارير الامنية وكلاء الجمهورية في عدة محاكم . هل تسألت هل ان تلك المعطيات المضمنة بها صحيحة ام كاذبة . وهل وقع التثبت من جهات اخرى حول صحة تلك البطاقات الامنية والتقارير الارشادية.

ومنذ متى اصبحت التقارير الامنية المحررة من اجهزة حكمت بالحديد والنار لعقود واكتوى بنارها الالاف من ابناء شعبك محل صدق غير قابلة للنقاش . اتمنى منك ان تستمع وتستأنس برأي من افنى عمره في القضاء مدافعا عن استقلاليته لسنوات طويلة . اتمنى منك ان تستدعي و تستمع لاراء عديد القضاة لتعرف حجم الكارثة التى حصلت استمع لرأي القاضية ثريا الجريبي التى اخترها بأن تكون وزيرة للعدل وهي المطلعة على خفايا الامور داخل القضاء العدلي التى قد تكون غائبة عنك.

استمع لرأي صاحب المواقف الشجاعة الذي يعرف البيت من الداخل لعقود القاضي عماد الدرويش الذي لا يختلف اثنان عن معدنه النادر في القضاء . استمع لرأي عميد قضاة التحقيق الاسبق وقاضي التحقيق الاول بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي جمال سحابة المعروف باستقلاليته وشجاعته زمن الجمر و خلال العشرية السابقة على حد سواء . ليشهدوا شهادة حق على من تم تسليط سيفك الظالم على رقابهم .

الكل اجمع ان قرار اعفاء وكيل الجمهورية بمحكمة الحاضرة ونائبه الاول ومساعده الاول كانت على ضوء تلك التقارير الامنية التى اخذتها محمل الجد والحقيقة . ما الذي يفسر استهداف اجهزتك الامنية لوكيل الجمهورية ببنزرت الذي يشهد له القاصي والداني بكفاءته واستقلاليته منذ دخوله للقضاء ويكفيه فخرا انه لم يتعلق به اي بحث تأديبي و انه تصدى للتعذيب واذن بالاحتفاظ بضباط عندما كان وكيلا للجمهورية ببنعروس وتعرف جيدا ما حدث يومها .

تقاريرهم الامنية استهدفت وكيل الجمهورية بأريانة ومنوبة وزغوان وقفصة تونس بنزرت هل ان الامر عادي ام يثير الاستغراب لماذا قامت وزارة الداخلية بتصفية النواة الصلبة داخل القضاء المعروفة بالاستقلالية والمهنية وبكونهم ليسوا من قضاة الادارة الذين يطبقون تعليماتها دون نقاش .

ثم دخلت على الخط كاتبتك للعدل ليلي جفال هذا الاختيار السيء والفاشل التى استهدفت بدورها مجموعة من القضاة لعدواتها السابقة معهم وقامت بتصفية كل من لم يسايرها في طلباتها . ثم استهدفت عميد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس الذي تعرفه من سابق يا سيادة الرئيس معرفة شخصية وتحدثت عنه مادحا خصاله وبكونه احد القضاة المشهود لهم بالنزاهة حسب الشهادات التى نشرت من شخصيات التقيت بهم بقصرك .

ثم استهدفت قضاة التحقيق بالقطب القضائي اثنين لم يقع التحرير عليهما يوما في التفقدية ولا في المجلس المؤقت المنصب من طرفك ادعوك ان لا تقف عند تقارير الحاكم بأمره في القرجاني المتحالف مع وزير داخليتك توفيق شرف الدين والذي اشرنا عليه منذ شهر ماي الفارط بالانتباه من هذا الضابط السامي المنخرط في اجندا سياسة معروف من يقف وراءها و الذي يتعمد كتابة تلك التقارير الامنية التى يحبرّها بعبارة سرّي مطلق على عديد القضاة .

كان حريا بك وانت الحاكم بأمرك التحرير عليهم من طرف مجلسك المؤقت المنصب الذي اخترته و ان تستمع لهم وتواجههم بتلك التقارير الامنية لكي تعرف الحقيقة وتستنج لماذا تم استهدافهم . تصور للحظة واحدة انك استاذ تحاضر بكلية الحقوق بسوسة في تسعينيات القرن الماضي وانت مازلت شابا يافعا مقبلا على الحياة تتهمك احدى الطالبات ظلما وبهتانا بأنك نظرت اليها نظرة غير بريئة فقط لا غير فيتخذ عميد الكلية قرار برفضكم من جميع الكليات في تونس دون مثولك للدفاع عن نفسك امام مجلس التأديب وان قراره هذا غير قابل لأي طعن الى حين صدور حكم نهائي وبات بعد احالة ملفك على القضاء وقد تصل اطوار القضية الى عشر سنوات.

ما هو شعورك في تلك اللحظة . وما هو موقفك تجاه زوجتك وابناءك ونظرة المجتمع إليك اريدك ان تستشعر ما قمت به لتعرف انك أخطأت خطأ جسيما فادحا .

ثم تواصل يا فخامة الرئيس مذبحتك بأقبية وزارة الداخلية في ساعات الفجر الاخيرة عند ضبط قائمتك و تستهدف الرئيس الشرعي للمجلس الاعلى للقضاء المنتخب من عموم القضاة من رتبته والذي نال شرف انتخابه من الأقضية الثلاث الادارية والمالية والعدلية ليكون رئيسا لهم هل كل هؤلاء فاسدون لا يعرفون الشخص وتاريخه الناصع طيلة سنوات في القضاء .

صحيح هو منتخب من عموم القضاة . وانت منتخب من عموم الشعب وانا منهم انتخبناك كأستاذ جامعي نزيه جاء لإصلاح البلاد وبناء وطن يتسع للجميع نعيش فيه بلا ظالمين يحقق لابناء وطنه العدل المنشود والحياة الكريمة.

ثم استهدفت رئيسة المجلس الاعلى للقضاء العدلي المنتخبة من القضاة العدليين وعددهم بالمئات هل ان كل هؤلاء القضاة لا يحسنون الاختيار . كذلك الامر بخصوص الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف و الرئيسة الاولى بمحكمة الاستئناف بتونس و بنزرت هل هناك من يصدق ان من افنى عمره في خدمة القضاء باستقلالية عن الجميع سيتورط في تلك الاكاذيب والاشاعات التى تروج لها كاتبتك للعدل .

لقد وليت على القضاء امرأة اسمها ليلى جفال لو اطلعت على ارشيف الداخلية وبطاقتها الامنية الارشادية التى أعدها نظام بن على لها و رفقة زوجها اظن انك ستغير رأيك. فقد قامت بمغالطتك وهي المطلعة على كواليس مرفق العدالة منذ التسعينيات وتعرف جيدا استقلالية ومهنية من استهدفتهم .

الخطير الذي اريد ان انبهك منه ان تلك التقارير الامنية التى تصاغ بطريقة حرفية تظن انها عين الحقيقة والحال ان اغلبها كان مؤسسا على استهداف وكلاء الجمهورية لتطويع المنظومة القضائية لفائدة الاجهزة الامنية التى تظن انها ستحميك وتغولها اليوم ومحاولة السيطرة على مواقع القرار داخل القضاء العدلي لتصفية خصوماتهم المستعرة بين شقوقها داخل البناية الرمادية سيحترق به الجميع وقد تكون انت منهم يوما ما .

اطلب من أجهزتك مدّك كذلك ببطاقتى الامنية وبعد اطلاعك عليها ستقول يستحق صاحب هذه الرسالة الاعدام لتعرف معنى ان تربط مصير إنسان بتقرير بوليسي كاذب .

اختم لك بهذه الكلمات التى اريدك ان تقرأها بصوت عالي جدا في قصر قرطاج بلغتك الفصحى بعد اداءك صلاة الفجر وتتمعن معانيها ومقاصدها جيدا عسى ان يستفيق ضميرك وترفع الظلم الذي سلطته على اناس ابرياء . وهي رسالة الخليفة عمر الى قاضيه أبو موسى الأشعري. كتب عمر إلى أبي موسى الأشعرى - رضى الله عنهما:

أن القضاء فريضةٌ محكمةٌ، وسنةٌ متبعةٌ، فافهم إذا أدلي إليك، فإنه لا ينفع تكلمٌ بحق لا نفاذ له، وآسِ بين الناس في وجهك ومجلسك وقضائك؛ حتى لا يطمع شريفٌ في حيفك، ولا ييئَس ضعيفٌ من عدلك، البينة على مَن ادعى، واليمين على من أنكر، والصلح جائزٌ بين المسلمين، إلا صلحًا أحل حرامًا، أو حرم حلالًا ومن ادعى حقًّا غائبًا أو بينةً، فاضرب له أمدًا ينتهي إليه، فإن جاء ببينةٍ أعطيته بحقه، فإن أعجزه ذلك استحللت عليه القضية، فإن ذلك أبلغ في العذر وأجلى للعمى،

ولا يمنعك من قضاءٍ قضيته اليوم فراجعت فيه لرأيك وهديت فيه لرشدك.

- أن تراجع الحق؛ لأن الحق قديمٌ، لا يبطل الحق شيء، ومراجعة الحق خيرٌ من التمادي في الباطل، والمسلمون عدولٌ، بعضهم على بعضٍ في الشهادة، إلا مجلودٌ في حدٍّ أو مجربٌ عليه شهادة الزور، أو ظنينٌ في ولاءٍ أو قرابةٍ، فإن الله - عز وجل - تولى من العباد السرائر، وستر عليهم الحدود إلا بالبينات والأيمان،

ثم الفهم فيما أدلي إليك مما ليس في قرآنٍ ولا سنةٍ، ثم قايس الأمور عند ذلك، واعرف الأمثال والأشباه، ثم اعمد إلى أحبها إلى الله فيما ترى، وأشبهها بالحق، وإياك والغضب والقلق، والضجر والتأذى بالناس عند الخصومة والتنكر،

فإنَّ القضاء في مواطن الحق يوجب الله له الأجر، ويحسن به الذخر، فمن خلصت نيته في الحق ولو كان على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن تزيَّن لهم بما ليس في قلبه شانه الله، فإن الله - تبارك وتعالى - لا يقبل من العباد إلا ما كان له خالصًا"

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات