روسيا بوتين، مجازر سوريا و إِرْث لينين

حين زار عملاق الادب الرُّوسي ومؤلّف( L'Archipel du Goulag)"الكسندر سلسجسنين" اوربا، احتفت به صحافتها لتنتزع منه تصريحا يدين المعسكر الراسمالي، ولكن سجين الغولاق رد: "الراسمالية والشّيوعية كلاهما آلتان لرحي الشّعوب"."و قال مفاجئا بوتين" كل ما يقع في العالم هو بسبب نسيان الله".

بيد آثمة، أنقذ الروس نظام بشار الطّائفي وقد كان قاب قوسين او ادنى من السقوط لا يسيطر الا على 10% من الارض رغم دعم 66 مليشيا ارهابية ايرانية. بين التهجير والتدمير كان تخيير السوريين الذين واجهوا النظام ستة اشهر بالورود بداية الثورة. لم يكن التدخل لأجلهم، بل لحماية عصابات الاسد، وكانت البداية بالفيتو الروسي في مجلس الامن، ثم التدخل العسكري سنة 2015.

احرق بوتين المدن والقرى، وتفاخر بشنّ مائة الف غارة و استعمال 320 نوع سلاح على أشلاء الاطفال،دمّر 1421 مدرسة، 752 مستشفى، و 5الاف مسجد ومنع حتى حليب الاطفال، والحصاد :500 الف سجين ومليون شهيد وثمانية مليون مهجّر من السنة ليس منهم علوي أو مسيحي أو درزي واحد.

وصرّح وزير دفاعه بارتفاع الطلب على السلاح الروسي من 53 دولة الى 80 بعد نجاعتها في سوريا. ولغ الدين بالسكّين في السّياسة وقال بطريريك الكنيسة الارثوذكسية الروسية "كيريل": اننا نشن حربا مقدسة في سوريا" ثم عمّدت الكنيسة الطائرات المتجهة للقصف بوقاحة ليصرح بوتين بصفاقة: "ان معركة حقيقية باهداف حيّة، اي بالبشر،قد وفّرت لنا تجربة بأقل التكاليف". لتصرح اثرها منظمات حقوقية روسية مثل مركز "Memorial" ان معظم الاهداف المستهدفة ليس فيها مقاتلون والجمهور الروسي لا يعرف ماذا يفعل النظام في سوريا".

تارة تدعي الدفاع عن المسيحيين، ولكنها دمرت 120 كنيسة في سوريا ،وطورا تزعم ملاحقة الدواعش، ولكنها لم تحرر اي منطقة تحت سيطرتهم، بل صبّت حِممها على الغوطة ودرعا وحمص.. و المناطق التي كانت لفصائل الثورة. واصدر مركز"مدرسة صوفان" الامريكية للاستشارات ان عدد المقاتلين الدواعش الروس يبلغ 3417. تحمي حزب الله المصنف ارهابيا في اكثر من ستين دولة وتنسق معه على الارض. و رغم انها تدعي انها تقف ضد الاهداف الامريكية في سوريا، فإنها لم تدخل الا بإذنها للإبقاء على بشار في تنسيق روسي الاسرائيلي بعد زيارة نتنياهو لبوتين.ثم تستولي على النفط والفسفاط والقمح. وبلغ بها الاستخفاف ببشار ا ن باعته صواريخ(S300) ثم لم تسمح باستعمالها.

في كل نزاع دولي تتجلى جدليّة الحقّ والقوّة، فقد حوّلت القوى العالمية مجلس الامن الى وكر جرائم تبرّر الابادة .ولان الانتقال السياسي في روسيا لا يعني الا الانتقال"من بوتين الى بوتين" حي يبقى رئيسا الى غاية 2036،و من "بشار" الى "بشار". فأحد مهام روسيا في الحرب على اوكرانيا افراغ الديمقراطيات الناشئة بالجوار من محتواها وفرض الديمقراطية السلطوية القائمة على الزيف الانتخابي la démocrature russe.

في أوكرانيا صراع بقاء داخل النسق الغربي بينما الثورات على الانظمة العربية القمعية جريمة في عرف الغرب الذي صار يتقاذف بجثث السوريين في جرم انفلت فيه التوحّش من عقال التمدن.

في عرف بوتين، اصل اوكرانيا لينينية ، وما كانت تظهر على الخارطة لولا اخطاء البولشفيك القاتلة في الحرب الاهلية بعد ثورة 1917 واضطرارهم للتنازل للأوكرانيين . لا يختلف الغزو الروسي لسوريا عن الغزو الامريكي للعراق في حضارة القتل التي تقود العالم الى الفناء كما قال "روجيه غارودي" .

و لفهم بشاعة علمانيتها المادية، يذكر التاريخ كيف حرصت امريكا على القاء قنبلتها الذرية على اكبر عدد ممكن من الضحايا،واستقر رايها في النهاية على هيروشيما 1945.والفظيع هو ذكر وزير الدفاع الامريكي (Henry Stimson) ان الحدث لا يجب ان يُعتبر عسكريا فحسب، بل يدشّن علاقة جديدة للإنسان بالكون عامة"، ولكن ما كان يثير قلقه فقط ، و أسرّ به الى الرئيس الامريكي ترومان هو "ان لا يتجاوز عدد قتلى القنبلة فظاعات هتلر والنازيّة.."

ماذا قدمت روسيا للعالم؟ ما شهرتها عدا القتل؟لا يعيد التاريخ نفسه، ولكنه يقدم لك نَفيس الدروس: الامبراطوريات لا تنسى احقادها، و الديبلوماسيّة دون تهديد القوّة المُسلحة ليست سِوى نُباح جِراء الكلاب. وان حضارة تهدم الانسان، فهي لا تؤمن بالله ولو صلّت القُدّاس كل يوم ..قتلت الشّيوعية الملايين وكذلك الرأسمالية المتوحشة وكلاهما في القتل دَرْس.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات