
دروب التّيه
بين الجهل و اللهو عبثا أنشأنا …
و في دروب التّيه نزلنا و سكنّا ...
و سلكنا سبل الخراب…
و سرنا طويلا ...
و ترنّحنا ...
بين مجيئ و ذهاب ...
و شربنا من ماء السّراب ...
حتّى ثملنا ...
و أمتلأنا ...
و أقمنا الملاهي للفراغ ...
و فقاقيع المقاهي للضّجر ...
و فتحنا نوادي الإكتتاب…
لرحلات المبحرين على القوارب…
لمن يهاجر حرقا ...
إلى الموت سفر …
و هروبا من كوابيس الإكتئاب ...
و كان البحر محيطا بنا…
لمّا أفقنا ...
و حين أستفقنا …
****
للأمل ومضات و للإنتظار خيبات ... أمّا العزم فله صولات و للوهن أنّات …
****
قلت لك يوما أن لعقلي لسان و عيون ... و أنّ لروحي ذاكرة و مساكن أخرى ...
يظنّ الغبيّ أن الخطأ وليد المبتدِئِ و مصاحبه ... هو لا يدرك أنّ الخطأ مستقلّ بذاته يصاحب كلّ عامل ...
صراع الكلاب و تواددها نباح ... و صراع الدّيكة و تفاخرها صياح ... أمّا صراع البشر فصداع ثمّ سماح ...
الحبّ هو الوحيد القادر على تفعيل الذّاكرة و منحها الإكتمال الّذي يمكّنها من إستحضار حياتنا الأزليّة قبل مغادرة الجنّة و ولوج الزّمان و المكان ... تقولون كيف ؟ و أقول أنّ الذّاكرة أزليّة , خليّة يتكامل فيها زوجان من ذكر و أنثى معاني و بناء الحبّ ... لتستعيد طريق الصّعود إلى أحسن تقويم ... أبو بديع أغبياء النّساء هنّ من يطالبن بالمساوات ... هنّ لا يعلمن أنّ بالمساوات أضعن ما يوفّره لهنّ التّكامل من سبق و نجاح ... أبو بديع بينما يتيه الرّجل في متاهات السّياسة و الغرور , تغوص المرأة في مغاور الذّات و خباياها لتعرّي أسرارها و تهيّئ لها المرافق أو تكيد لها المكائد …
****
أنا المعجزة ...
أنا المعجزة ...
كفاكم هباء…
بدأت من النّهاية ...
و ما النّهاية بالمنتهى ...
ولدت شيخا عجوزا ...
و في رأسي يئنّ الصّدى ...
بأصوات صرت أعرفها ...
كلّما تدحرجت نحو الصّبا ...
كنزغ الغَرور ...
و صوت الضّمير ...
و صفير الهوى…
تقلّبت مع الأيّام…
أحمل وزرها و القضاء ...
و أنزع قدرا من آلامها ...
في كلّ يوم رداء ...
و سرت إلى طفولتي ...
واثقا بظهر الرّجاء ...
أمشي إلى الأمام ...
غير مباليا بالقهقرى ...
و الكلّ يأخذها مسلكا ...
بخطى تمشي إلى الوراء ...
يا ليتهم يفقهون شعري ...
و ما المراد من الورى …
****
لا هو الزّمن قاسي
و لا هي السّنين ...
و لا هو الفرح محال و لا هو الحنين ...
بل القسوة في قلوبنا نحملها من جشع ...
و الفرح يمكن لنا زرعه في قلوب الآخرين ...
لينبت خيرا و منه نجني السّعادة و الجنين ...
و نقتسم المودّة و الرّحمة مع المحروم و المسكين …
****
يا أهل القصرين لا تسمعوا الأوغاد ...
فأنتم أصل البلاد و سلالة الأمجاد ...
و أهل العزّة و المجد و خلاصة البلاد ...
فلا تتركوها للنهب فهي إرثكم و الأحفاد …
****
القصرين لمن لا يعلم ليست بين القصرين بلاد ... و إنّما سرّة الوطن و شوامخ بين أكتاف الأسياد …
الحمد لله الّذي نفخ في البشر روحا ليكون الإنسان حصين ... و أنبت في الأرض رواسي شامخات جبالا و رجالا لتكون القصرين …
مازالت الطّريق ، الّتي إنفصلت إلى شقّين متضادّين يتعاكسان الإتّجاه يربطها المنبت ، تنتظر من يعود بها إلى الوسط و لا تشترط إلاّ حضور أهله …
****
رأسي بسياط الظّلم مقموع ...
و قلبي بصراخ الغلّ موجوع ...
و لا يمكنني المُضِيّ و لا الرّجوع ...
أنا سليل الوحي يهجرني الخشوع ...
و تجتاحني الأوهام و يَذُلّني الخنوع ...
و الكلّ ، بلا صلاة ، يطالبني الرّكوع …
فيا ليت شعري تصاغ منه الشّموع …
و من كلماتي يتوّقد لهيب الطّلوع …
و في أحشائي تنبت الأشجار …
و بين أضلعي تينع الثّمار …
تقطفها الأيادي قبل الدّمار …
و يصبح لحمي خبزا للصّغار …
و من دمي يُصنع صابونا يُمحي بُقَعِ العار …
من عقول الرّجال و ذاكرة الكبار …
فأتعافى من السّقوط و يهابني الوقوع …
و يفرّ الوهن المدسوس من فروعي فرار …
****
إذا أضفنا القضاء للعسكر … يصبح القدر أبتر … و يصير العدل نكرة … الباطل سجّان … و الحقّ بلا ذاكرة …
"الوهم أوّل الملذّات" … ربّما … و لكنّه أسرع الخيبات … و أوجع الكدمات و الإرتدامات …
****
تجّار و متاجرون بالدّعارة…
يوزّعونها بين العبيد بضاعة …
و يقبضون مقابلا بالخسارة …
فإذا بسمومهم المنفوثة المباعة تتشكّل لها في العقول إشارة …
ينشرونها و يروّجونها إشاعة …
فتتحوّل في الحلق مرارة …
و في العيون فضاعة …
و في الأوردة شرارة …
و يصرخ الصّدر إنتهى وقت الشّفاعة و حلّ وقت الكشف عن الوضاعة …