تأميم الصحة أفضل من بطولات الملح

Photo

شهدت تونس منذ ثورة 17-14 عدة تقلبات سياسية، اقتصادية و اجتماعية وترت من الجو العام القائم في البلاد، لتبصم على فشل الطبقة السياسية بكل أطيافها و حساسياتها، عاجزة على رسم صورة جميلة لتونس الثورة و مهد ثورات الربيع العربي.

كل ما حصل سابقا رغم مراراته و قسوته لم تبلغ حدته ما حصل بالليلة الفاصلة بين 7و 8 و مارس، أين شهد قسم الولادات بمستشفى الرابطة زهق روح 12 عشر رضيع، 12 عشر عصفور من عصافير الجنة و أحباب الله.

تعددت الأوصاف و العناوين لتوصيف هذه الكارثة التى زلزلت البلاد من الشمال إلى الجنوب و ثورة غضب عارمة عرفها الرأي العام التونسي، الذي حمل الحكومة مسؤولية هذا الزلزال.

العارف بدواليب قطاع الصحة العمومية، يعلم علم اليقين أن هذا المكروه الذي حصل طال الزمن أول قصر سيحصل، فأوضاع المستشفيات العمومية كارثية و تحول المشهد هناك إلى مشهد جنائزي يعرف فيه قلال الحال نهاية حياتهم هناك بدل من كتابة عمر جديد ينسيهم عذابات المرض.

عندما تفقد الحكومة سلطة القرار و تصبح خادم مطيع لصندوق النقد الدولي الماسك بدواليب القرار السياسي في تونس و الراسم لسياسات البلاد و الذي يهدف من وراء ذلك لتهميش القطاع العام من أجل الدفع نحو الخصخصة و انتصار الرأسمال على حساب أوجاع الفقراء اللذين لا قدرة لهم على العيش أمام جبروت سلطة المال.

سيطرة المال و من ورائه رجال الاعمال على دوائر القرار و توزعهم بين قرطاج و القصبة و قبة البرلمان،أغلبهم أصحاب استثمارات في عدة قطاعات حيوية من مصلحتهم تهميش كل ماهو عمومي و ضرب رمزيته الوطنية من أجل إخراجه في صورة الفاقد للأهلية و النجاعة المهنية و توجيه بوصلة المواطن نحو القطاع الخاص حتى لو أدى به لاقتراض المال و إغراق نفسه في الديون.

للأسف ظلت الحكومات المتعاقبة تحمل شعارات زائفة لم تغيير من الواقع المرير الذي يعيشه التونسيين بل زادت حيرتهم يوما بعد يوم و هم يشاهدون تفاقم الأوضاع و سيرها نحو المجهول إلى أن بلغ الأمر بالموت الجماعي لرضع في أول ربيع حياتهم.

تعالت في الفترة الاخيرة عديد الأصوات السياسية و الإعلامية مهللة بقرار وقف تمديد عقود الملح بعد عقد من الان و راح الفرقاء السياسيون ينسب كل منهم هذا القرار له بحثا عن رصيد انتخابي زائل، بينما مستشفياتنا العمومية و مدارسنا تنتظر في قرار التأميم و الإصلاح حتى لا يحل الخراب لكن للأسف ليس هناك من مجيب و لا حياة لمن تنادي، ففاقد الشئ لا يعطيه.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات