"العازفات" : تضارب مصالح؟

من خلال سلسلة من الوثائق والمعلومات المسرّبة من داخل وزارة الشؤون الثقافية، بدأت تتكشف ملامح قضية قد تُصنّف من أخطر ملفات سوء التصرف الإداري والفني في السنوات الأخيرة. الحدث ليس عابرا، بل يتعلق بتمثيل تونس دوليا في المعرض الكوني "إكسبو أوساكا 2025"، الذي يُعقد من 13 أفريل إلى 13 أكتوبر.

مصادر مطّلعة أكّدت أن وزيرة الثقافة السيّدة أمينة الصرارفي قرّرت، بصفة فردية بعيدا عن أي إجراءات قانونية معلنة، أن تعتمد فرقتها الخاصة "العازفات" كممثّل حصري لتونس في هذا الموعد الدولي، دون نشر طلب عروض، أو تشكيل لجنة فنية مستقلة، أو فتح الباب أمام الفرق النسائية الأخرى الناشطة في المجال الثقافي.

عدة أسئلة جوهرية تُطرح في ضوء المعلومات المتوفرة:

- كيف تم اتخاذ القرار؟ ولماذا غابت الإجراءات القانونية المعتادة في اختيار المشاركين؟

- ما هي العلاقة المهنية أو الإدارية بين الوزيرة والفرقة المُختارة؟ وهل يشوب هذا الاختيار تضارب مصالح؟

- هل يتم فعلا توظيف المال العام في خدمة اختيارات شخصية؟ وما مدى تطابق ذلك مع ما ينص عليه الفصل 96 من المجلة الجزائية التونسية؟

- ما موقف رئاسة الجمهورية من هذه التصرفات، خاصة وأنها تتناقض مع التوجيهات الرئاسية الداعية إلى إصلاح المسار الثقافي؟

عدة وثائق داخلية تم الاطلاع عليها

وفق مصادر من داخل ديوان الوزارة، لم تُفتح أي ملفات تقييم أو تقارير ترشيح خاصة بهذا النشاط، مما يُؤكد الطابع الارتجالي للقرار ويطرح جدية في مساءلة القائمين عليه. وتُظهر مراسلة مؤرخة في أوائل جوان الماضي أن الوزيرة وجّهت تعليمات مباشرة لتنظيم مشاركة الفرقة دون استشارة الجهات المهنية المختصة.

عدة ممارسات سابقة تطرح وضعا مقلقا

التحقيق يربط بين هذه الواقعة وسلسلة من التجاوزات السابقة، من بينها ملف مهرجان قرطاج الدولي، الذي شهد إخلالات فنية وتنظيمية واسعة، تم التعتيم عليها إعلاميا رغم انتقادات داخلية ودولية واسعة.

يتبيّن من خلال هذا التحقيق أنّ قرار الوزيرة لا يقف عند حدود التصرّف الإداري، بل يتداخل مع مفاهيم قانونية قد تُدرج ضمن إطار استغلال السلطة لتحقيق مصالح ذاتية، في غياب الرقابة الفعلية. كما ينعكس هذا السلوك على صورة تونس الثقافية ويفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة حول مستقبل المشروع الثقافي الوطني.

إن خطورة هذه التجاوزات تستوجب فتح تحقيق مستقل من قبل السلطات القضائية، وتدخّل مباشر من رئاسة الجمهورية ومجلس نواب الشعب لضمان تفعيل مبدأ المحاسبة وإيقاف نزيف الانحراف في مؤسسات الدولة الثقافية.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات