من الذي يريد إرجاع الرّقابة المسبقة إلى البلاد؟

احتفل الصّحفيّون التّونسيّون (3 ماي 2023) باليوم العالمي حرّيّة الصّحافة وعبّروا عن تضامنهم مع مدير إذاعة موزاييك الموقوف ومع زملائهم الذين يتم تتبّعهم بمقتضى المرسوم 54.

لم أر لدى أغلب الكتّاب والمثقّفين والجامعيّين تضامنا وحرصا على عدم العودة إلى الرّقابة المسبقة على الكتب، وهي رقابة كانت تتمّ بتحويل آليّة الإيداع القانونيّ إلى وسيلة مصادرة وكانت تتمّ بسحب الكتب من المعرض الدّوليّ للكتاب.

بل رأيت لدى الأغلبيّة اتّهاما للكاتب بالبحث عن البوز، وكأنّه هو الذي صادر نفسه بنفسه، واتّهاما له بالتّطبيع، اتّهاما أصبح بمثابة صيد السّاحرات اليوم.

وبما أنّني كنت من بين قلّة تصدّوا إلى الدّفاع عن حرّيّة الكتّاب في ما يكتبون، واتّهمت بأنّني "أشوّه" سمعة زملائي أعضاء لجنة تنظيم المعرض، وبما أنّ أعضاء اللّجنة زملائي بل وفيهم من هم من أصدقائي إلاّ أنّني لست من العاملين بمقولة "انصر أخاك ظالما أم مظلوما"، ولا أنصر حتّى نفسي عندما أخطئ، وأومن بضرورة النّقد وقبول النّقد، وأومن بأنّ وظيفة النّقد ضروريّة لبناء مجتمع مفتوح ونظام ديمقراطيّ، يهمّني أن أِؤكّد أنّ القضيّة التي أدافع عنها مبدئيّة وخطيرة وحيويّة : إنّها المكسب الأساسيّ الذي تحقّق لنا بعد الثّورة، وبعد أن ضحّينا بالكثير من الرّفاه لنصبح أحرارا. ويهّمني أن أعود إلى الموضوع لأطرح هذه الأسئلة :

- السيّد رئيس الجمهوريّة اشترى كتاب كمال الرياحيّ الممنوع وعبّر عن تمسّكه بالحرية، وسبق لإدارة المهرجانات أن أخرجت بيانا نفت فيه أن يكون الأمن الرّئاسيّ هو الذي تدخّل، ولجنة التّنظيم عبّرت عن تمسّكها باستقلاليّتها ونفى أحد اعضائها دور اللّجنة في المصادرة، إذن من حجز الكتب، ومن أعاد اثنين منها بعد الحجز؟ من خالف دستور البلاد وأراد ان يعود بنا إلى الوراء تملّقا وخوفا وجبنا؟

- لجنة التّنظيم اكّدت أنّها "سحبت " كتاب كمال الرياحيّ لأنّ النّاشر لم يعلن عنه في الإبّان، وقالت إنّ لجنة القراءة ستحدّد مصيره في المعرض.

الكتاب لم يعد. واللّجنة لم تقدّم لنا نتيجة قراءتها. والأخطر من كلّ شيء هو أن لجنة التّنظيم، ربّما عن حسن نيّة، تحوّل آليّة إداريّة بسيطة هي تقديم النّاشرين قائمة في كتبهم إلى وسيلة مصادرة، ومعاقبة للكتّاب والنّاشرين المعارضين.

- لجنة التّنظيم خرجت تدافع عن نفسها. ولم توضّح لنا إلى اليوم من قام بالسّحب وبغلق دار النّشر وقتيّا ومن يواصل مصادرة كتاب كمال الرّياحيّ.

مواطنون لا رعايا. ومن حقّنا أن نعرف. ومن حقّنا أن تقال لنا الحقائق كاملة لا مجزوءة. ومن حقّنا أن ندافع عن أنفس النّفائس، حرّيتنا، دون أن نتّهم بالتّفاهة أو التّحامل على غيرنا.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات