لماذا تأخر اعلان خارطة الطريق؟

اما ان الرئيس يملك خارطة طريق جاهزة او انه لا يملكها الى حد اللحظة. الغموض والعفوية والترقب يكتنفون الحالة. وفي هذه الحالة يكون الغموض اما جزءا من الخارطة او علامة على غيابها في انتظار مزيد صنع شروطها بالقطع مع كامنات الاستئناف من لحظة 24.

الواقع ان هناك دلائل كثيرة على ان 25 جويلية حدث سبق الاعداد له وكان هناك حرص على الباسه زخما شعبيا. ولم يكن تفعيل الفصل 80 مفاجئا الا من حيث التوسع في تأويله ورفع السقف حتى اذا ما تدانى كانت المكاسب معقولة او كبيرة وقاطعة. ولقد كانت الخطوة تحتسب ردات الفعل من الداخل والخارج وتفترض مقاومة ما . لكن غياب مقاومة للاجراءات لا يعني ان الامور سالكة والجميع يحتسب الربح والخسارة او يترقب ترجيح ميزان القوى. وهناك من يعتبر غياب هذه المقاومة ورطة سياسية لمن تجمعت الامور بيديه فلا مبرر لاستخدام القوة وعنف الدولة وهو ما يعيد المدار الى فن الممكن اي السياسة.

تأخر اختيار رئيس الحكومة وذلك لتردد الجميع امام استنساخ تجربة من سبق وصعوبة المرحلة خاصة من الناحية المالية. كما وان الالحاح على ان تكون الشخصية المقترحة من عالم المال والاقتصاد اي تكنوقراط بوجه من الوجوه يجعل الاختيار اصعب الا اذا اختار الرجل الهروب الى الامام واختار من بين المتزلفين وعديمي الخبرة والمغامرين وهو طريق محفوف بالمغالبة والمكاره وادناها استنساخ الفشل الذي نسب الى من سبق دون مراعاة حرج الظروف الانتقالية.

من جهة اخرى هناك حديث عن خارطة طريق مقترحة من اتحاد الشغل وهناك ما يدفع الى تصور لحظة التقاء تاريخي مثل لحظة 1955 ومؤتمر صفاقس الذي رجح كفة بورقيبة على حساب صالح بن يوسف وحكم الخمسة عشر سنة التي تلت. لكن اللحظة لبرالية ومطبوعة بأزمة ديون خانقة والاصلاحات المطلوبة من المانحين هي بالتأكيد غير اجتماعية مثل رفع تام للدعم وراهنة للسيادة مثل الذهاب الى مظلة نادي باريس ولا نحسب ان الاتحاد مستعد لهذه الورطة الا اذا غلب السياسي على الاجتماعي وتجاوز شعاراته المعلنة وفيتوهاته القديمة.

من جهتها ولئن اختارت المؤسستان الامنية والعسكرية الوقوف مع 25 جويلية فانهما لن تندفعا بسهولة نحو شراهة الحكم خاصة الجيش بالذات وكل القوى السياسية تدرك ذلك وتتلافى التصادم معهما. لكن لا شيء يضعف من سيناريو عسكرة تدريجية للاقتصاد والسياسة. حيث يرى فيه البعض فرصة لفرض الانضباط ويراه البعض الاخر منوالا لدولة القوة والقانون ويتحسب منه البعض الاخر كاستنساخ لمناويل حكم مجاورة عجزت عن الجمع بين الديمقراطية والتنمية والسيادة .

بالنسبة للمجتمع السياسي وخاصة الاحزاب فالجميع قد تلقى الرسالة الشعبية الفعلية والموجهة والمفتعلة وبين انكار ولحظة استيعاب للصدمة وعقلية :الجحيم هو الاخر" ومحاولة توريط طرف بعينه ليدفع الثمن السياسي لوحده هناك ارث تراكمي يبنى عليه ووعي ان البرلمان ضرورة للديمقراطية وضرورة لحياتها الحزبية. ولهذا هناك دعوات محتشمة لعودة البرلمان للاشتغال ودعوات اخرى.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات