تاهت تونس بين زقفونة المعري وزوبعة ابن شهيد

صادق مجلس نواب الشعب يوم 25 مارس 2021 على مشروع قانون أساسي عدد 39 / 2018 يتعلق بتنقيح وإتمام القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 المؤرخ في 03 ديسمبر 2015 المتعلق بالمحكمة الدستوري وكما كان منتظرا استعمل رئيس الجمهورية حق الرّد المنصوص عليه بالفصل 81 من الدستور.

نشر موقع رئاسة الجمهورية يوم 4 افريل 2021 نصّ كتاب ذكر ان رئيس الجمهورية وجّهه الى رئيس مجلس « يرد فيه القانون المتعلق بتنقيح القانون الأساسي المؤرخ في 3 ديسمبر 2015 و المتعلق بالمحكمة الدستورية » وبالإطلاع على هذا الكتاب يتّضح أنّه مخطوط كتب بخطّ لم يعد مستعملا وهو الخط الكوفي القيرواني وليس من الاكيد ان استعماله كان رائجا في تونس » فقد بلغ أوجه استعماله في القرون الهجرية الأربعة الأولى في بلاد المغرب (ق 7-10م) إلا أنه بدأ يتراجع بدءا من القرن الخامس هجريا/11م مع ظهور الخط الأندلسي في المنطقة، ولم يبق حسب ابن خلدون إلا في بلاد الجريد بالجنوب الغربي التونسي لبعد هذه المنطقة عن التأثير الأندلسي. » ( انظر www marefa orgخط قيرواني ) و تعسر قراءة هذا الخط الذي كان مستعملا خاصة في كتابة المصاحف على عموم المواطنين التونسيين مما استدعى نقله الى الخط الرقمي المستعمل حتى يتمكن عموم التونسيين من قراءته وقد يكون مجلس النواب هو نفسه احتاج الى هذا النقل.

و أحال الرئيس في كتابه ( كلمة كتاب للدلالة على الرسالة هي نفسها كلمة متروكة ) على مراجع أدبية تراثية لا يعرفها إلاّ المختصون في الأدب و التراث .

هكذا ّ يدفعنا قيس سعيد رئيس الجمهورية الى الاستعانة بأساتذة في الادب و اللغة و التراث و اخصّائيين في الخطّ ليتسنى لنا اوّلا قراءة كتابه المذكور أعلاه و ثانيا ادراك مضمونه او جزء منه و نتساءل :

– مادام هذا الكتاب معدّا للنشر لماذا يستعمل رئيس الجمهورية هذا الخطّ ؟

– هل يستطيع أعضاء مجلس النواب قراءته ؟

– إذا تعذّر عليهم او على بعضهم قراءته هل تلجأ إدارة مجلس النوّاب الى أخصّائي يفكّ رموزه بصفة رسمية ؟

– من يتحمّل المصاريف رئاسة الجمهورية أم مجلس نواب الشعب وهي جميعها من ميزانية الدولة العامة ؟

– لماذا كلّ هذه التعقيدات ؟ وكم يقضي رئيس الجمهورية من الوقت لكتابة هذه الرسالة بالخط القروسطي ؟ ..هل صحيح ان لديه خطاط خاص هو الذي يقوم بهذه المهمة التي صارت جزءا من عادات القصر يتحفنا بها ويتحف العالم العربي بأسره.

تاهت تونس بين الرسائل

أما كان أحرى به وبنا أن يصرف هذا الوقت الثمين للانكباب على مشاغل الدولة وهمومها في زمن تغرق فيه تونس في مشاكلها ؟ . وما حاجتنا إلى ذكر » زقفونة » رسالة الغفران للمعري أو »عواصف » « التوابع والزوابع »لابن شهيد ؟…

هل هو مجرد استعراض أدبي لغوي مجاني نتحول فيه كلنا إلى تلاميذ للمعلم الأكبر، والأول، والأنظف، والأصدق ؟ أم انه تلويح بالمصائب التي تنتظر تونس أكثر مما أصابها من أهلها من الويلات والمحن في حين أننا في حاجة إلى حلول لأزماتنا المركبة ؟

والى متى يطول هذا المأزق التي ينفخ البعض في ناره ويغذون لهيبه في استهانة تامة بحال البلاد والعباد؟ ارحموا تونس يا من يحكمونها اذا كنتم قادرين على ذلك . أم ان لكل واحد منكم مثل شخوص «رسالة التوابع والزوابع» شيطانه او عبقره الذي يوسوس في أذنه لا ليبدع فعلا او قولا، بل ليغرق نفسه ويغرق عيره في بحر هذيان الأقوال وفوضى الأفعال ؟

ألسنا في غنى عن كل هذا ؟

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات