ثلاث برقيّات الى صديق حول الصّداقة و الثّورة والفاشيّة في تونس…

صباح الخير صديقي الذي لن أذكر اسمه كما لم يفعل هو ...ان كان يقصدني أصلا ...مع ان حدسي يؤكد لي ذلك.

عوضا عن المقدّمة :

"انّ من يخوّنونك كأنّما يقطعون ذراعيك ؛ قد تغفر لهم يوما ما ولكنّك لن تستطيع معانقتهم أبدا ."
ليون تولستوي

1-

-"الصداقة في ذاتها " يا صديقي هي أن تتصل بصديقك مباشرة -أمام الناس أو على انفراد حسب ما تقدّره - وتقول له ما تريد قوله له ان كنت تعتقده يظلم الناس و/أو يظلم نفسه.أما "الصداقة لذاتها" فلا معنى لها اذ تبقى مثل 'الحبّ العذري" المجهول من الحبيب اصلا. لا تصلح لشيء ...في العلوم الانسانية وفي العلاقات البشرية ...مع أنها قد تنتج نثرا أو شعرا...ولكن ،لحسن الحظ ،هي تنتج رسائل مجهولة بيننا على الأقلّ بفضل زوكربيرغ ...وهذا 'شبه جيد' لأن الرسالة وصلت ، 'شبه سيء' لأن وصولها حصل صدفة وكان يمكن ألا أقرأها ولكنّها أحدثت ألما كبيرا لا يعرف وقعه على من في الغربة من لم يعرف الغربة في حياته!

-واذا كانت هنالك 'صداقة في ذاتها' -بمعنى أنها علاقة متحققة أو يجب أن تتحقق أو تتواصل في الواقع - وليس 'لذاتها ' - بمعنى أنها شعور يكتفي بنفسه دون التحقق في العلاقة الفعلية- فيفترض أن ترسل الاشارة الى المعني بالأمر 'بروح انتصارية 'و لا تنشر مبهمة فتكون بذلك اعلانا 'لانهزامية ' ما في معركة الحفاظ على الصداقة والتصريح ...بالتنحي في الزاوية.

- والصداقة هذه يا صديقي لا يجب أن تحتوي على أمرين متناقضين بحجم ما عبّرت عنه تجاهي..ان كنت تقصدني...فتصفني- ا- بأنّني "الأقوى منك بحكم قربي من السلطة المعرفية و السياسية " وبأنني "أرجمك" ثم تطلب مني أن أحتمل "خلافك البسيط مع رؤيتي "الجامدة... المتكلّسة" ثم -ب- بعد ذلك تطلب مني " وسع البال" لأنه يمكن "الالتقاء في الاختلاف" وشرب قهوة عند عودتي من المهجر الكندي خاتما قولك " تعرف أنني أحبّك وأشعر أننا واحد في جسدين"!

-أنت تعرف أنني أبادلك المحبّة حتى لو كانت محبّتنا ضحية واقعنا الأغبر الذي يفعل كل شيء لقتل صداقات المختلفين المحبّين بسبب صراعات المتصارعين المتكارهين يوما وتحالفاتهم الكريهة يوما آخر...وانني أرغب فعلا في شرب قهوة أو ...نبيذ أو خمر معك عند عودتي ...ولكن ...بربّك وباسم صداقتنا هذه:

هل أنا أقرب الى السلطة المعرفية و السياسية منك؟

أنا مجرّد بروليتاري رثّ في المهجر لا صفة أكاديمية له هنا و هناك - بعد إيقاف عقد تدريس جامعي في تونس لم يتجاوز سداسية لأسباب غير علمية- و مستقل سياسيا وتنظيميا، و أنت كنت و لا زلت أستاذا جامعيا في بلدنا في العهدين و البلد يحكمه أو يشارك في حكمه السياسي من هم أقرب اليك منّي سياسيا منذ سنوات عشر! ومع ذلك لم يغير هذا من محبتي لك لأنني أعرف أنك قاتلت لتكون كذلك ولأنّني أعرف أنّك صعلوك جميل و مجنون جامح غير قابل للانضباط التصنيفي المذكور اصلا ...ولذلك أحبّك وأعتبرنا "واحدا في جسدين" كما قلت ... ولنعد الان الى مسألة المفاهيم التي تغضبك منّي حتى ترى انّك تظلمني معرفيا بعد أن ظلمتني شخصيا.

2-

مفهوم الثورة :

-أنا لم اقل أصلا أنه لا توجد ثورة في تونس. هذا أولا. ولعلمك فان اقراري بوجودها جلب لي وابلا من الاتهامات من أنصار مفاهيم 'الانتفاضة' و 'المسار الثوري' وحتى ' الانقلاب الرجعي' .ما أقوله ،مع سعي لتدقيق توصيفي ارتباطا بالنتائج الحاصلة في الواقع، هو أن ما حصل -الى الآن ...ولكن لا يزال الأمر مفتوحا- هو "ثورة سياسية" غيرت النظام السياسي من الاستبداد الى الديمقراطية السياسية، ولكنّها لم تغيّر -الى الآن- العلاقات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية والدولية للبلد جذريا ...حتى تصبح "ثورة اجتماعية " ناجزة .

- أنا أعتمد المفهومين المذكورين أعلاه عن "الثورة السياسية" و "الثورة الاجتماعية" ليس بناءا على نموذج تاريخي -تعتقده أنت "الثورة البلشفية" لأنك تحاكمني على ما تعتقده انحيازا معرفيا وسياسيا- بل على تفريق سوسيولوجي بين صنفي الثورتين المأخوذ عن بعض النظريات السوسيولوجية و التاريخية لا غير.

-انني عندما أقول بذلك ، بالمناسبة، أستذكر مثلا كيف أن ثورة 1789 في فرنسا كانت تتويجا سياسيا لثورة اجتماعية من الاقطاعية الى الرأسمالية ،ولكن كيف أن ثورتي 1830 و1848 كانتا محاولتين ثوريتين سياسيتين لاستعادة الديمقراطية السياسية بعد عودة الملكية الى فرنسا.

وأضيف اليك أن من تظن أنني أنقل رؤيتهم "الجامدة...المتكلسة" يعترفون بهذا التفريق -لو كانوا مثقفين - بل ويذهبون أكثر من ذلك : انهم يتحدثون مثلا عن "ثورة 1905" في روسيا في حين انها لم تغير لا نظام الحكم -لتصبح ثورة سياسية ناجزة- و لا النظام الاجتماعي برمته -لتصبح ثورة اجتماعية ناجزة-. وأكثر من ذلك ، ولنعد الى تونس ، فمنهم من يقبل باستعمال مصطلحات ثورة 1848 وثورة 1905 مثلا ويتحدث عن "ثورة علي بن غذاهم -1864" التي لم تنجز شيئا، بل ،على العكس،اعتمدت تعلة لإيقاف العمل بدستور 1861 و يعتمدون مصطلح 'انتفاضة 1978 ' و'انتفاضة 1984' اللتين -خاصة الثانية- لا تختلفان كثيرا عن أحداث أخرى تونسية وعالمية يسمونها "ثورة" و لكنّهم يعودون ويعاندون ...عندما تحدّثهم عن الثورة التونسية 2010-2011.

باختصار اذن ،أنا أعترف بوجود ثورة في تونس و لكن أقول ان ما أنجزته على أرض الواقع الى حدّ الآن لا يتجاوز انجاز "ثورة سياسية" قلبت نظام الحكم من الاستبداد السياسي الى الديمقراطية السياسية (وحصل هذا المنجز على أشهر واكتمل بعد اعتصام القصبة 2 الذي تم به تعليق العمل بالدستور و حل مجلسي النواب و المستشارين و حل التجمع و اطلاق العفو العام و اقرار الذهاب الى مجلس تأسيسي ) و لكنه لا يرتقي الى انجاز "ثورة اجتماعية " تقلب باقي العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدولية قلبا ثوريا.

أترى ،اذن، كيف تظلمني لأنّك لا تعرف مواقفي وتكتفي بحشري في خانة تعتقد أنني سجينها وأنا لست كذلك؟

3-

مفهوم الفاشية :

عندما قلت بأنه يصعب الحديث عن فاشية في تونس الآن لأن مفهوم الفاشية خاص نسبيا ،وأنه من المستحسن اعتماد مقولات التسلط و الاستبداد لوصف التاريخ و الواقع التونسي الحالي، لم يكن ذلك بغاية مدح 'الفاشية ' التونسية -كما تعتقد- بدليل أن مواقفي من المسألة معلنة وأنا ضد من أعتبره يمثل "الثورة المضادة السياسية".

المسألة هنا هي اجتهاد معرفي يحاول أن يكون صادقا -كي لا أقول موضوعيا -. ولتأكيد ذلك عندك أنيرك أنني من الذين لم يقبلوا يوما توصيف لا بورقيبة و لا بن علي و لا الاسلاميين بالفاشية حتى لا يذهب ظنك بأنني ممن نراهم يتعالمون لنزع صفة الفاشية عن العلمانيين، ولكنهم ينسون 'علمهم' عندما يتعلق الأمر بالإسلاميين. ولعلمك ، موقفي هذا يكلفني نقدا من الصفين العلماني و الاسلامي .

من ناحية أخرى، قد تعتقد أن رفض اطلاق صفة الفاشية على حزب في تونس يدخل ضمن 'المركزية المعرفية الأوربية' -كما يسهل الذهاب الى ذلك كثيرا- ولكنّه قد يعني العكس تماما فيكون وصف حزب ما في تونس بالفاشية هو المركزي الأوربي وليس العكس وذلك كما يلي:

عندما يكون المفهوم أوربيا أساسا ( ولكن ليس حصرا لوجود ميول وممارسات فاشستية خارج أروبا) لأنّه تكوّن لقراءة تجربة فاشية أوربية أساسا (وليس حصرا) - وقد أكون على خطأ يناقش، ولكن ...بعيدا عن التخوين بين الأصدقاء - فان اطلاقه على ظاهرة تونسية هو ما يعتبر مركزية معرفية أوربية وليس العكس لأنّه يصبح استعمالا لمفهوم أوربي واسقاطا له على الواقع التونسي. وهذا سيسعدك طبعا لو قلته عن الاسلاموية التي لا أعتبرها فاشية كما يقول البعض وأضيف :

أنا ضدّ استعمال كل من مفهوم ' الفاشية' على العلمانيين و الاسلاميين و كذلك ضد ّ استعمال مفهوم 'الاستبداد الشرقي' على الاستبداد الاسلامي لأن مفهوم الفاشية خاص ولأن مفهوم 'الاستبداد الشرقي' هو مفهوم مركزي أوربي بامتياز يريد أن يظهر الغرب وحده فضاءا قابلا للدمقرطة.

أزيدك أكثر:

أنا ضد استعمال مفهوم "التيوقراطية" -خاصة في الفضاء السنّي الذي أعرف انّه يهمّك أكثر- وأضيف دائما أنه، حتى لو أردنا استعمال ذلك المفهوم 'استعمالا اجرائيا' فيجب التأكيد -كما فعل لوي ماسينيون نفسه - على أن تيوقراطيتنا السنية هي "تيقراطية-علمانية" لأنّه لا يوجد عندنا أكليروس يدعي العصمة - عكس الفضاء الشيعي نسبيا حيث عوض 'الولي الفقيه' الحديث 'الامام المعصوم ' ا لقديم الغائب ولكن الذي يشبهه ...نسبيا فحسب أيضا.

أترى أنّك تظلمني هنا أيضا معرفيا عندما تتحدث عن "رؤيتي الجامدة المتكلّسة " يا صديقي ؟

خاتمة :

لعلّك تتساءل يا صديقي ما هي انعكاسات ما قلته لك الآن سياسيا. هذا من حقّك السياسي طبعا خاصة وأن السياسة - حيث مجال المصلحة- تتخلل صداقتنا - حيث مجال المحبّة- وتفسدها على ما يبدو. وأختصر لك الأمر في نقطتي الفاشية و الثورة :

- اذا اعتبرت ما عندنا فاشية مثل فاشية أروبا فقل لأصدقائك السياسيين أن يعلنوا المطالبة بالمنع القانوني للأحزاب الفاشية -كما يحصل في اروبا الديمقراطية بعد الانتصار على الفاشية وخوفا من عودتها - و لتطالبهم في نفس الوقت بالاستعداد للمقاومة المسلّحة ضد الفاشية ان لم ينجح الطلب الأوّل ، اذ هكذا فعل الديمقراطيون الأوربيون في النصف الاول من القرن العشرين وفي مقدّمتهم اليساريون الذين أعرف تقييمك لهم... وتعرف تقييمي النقدي لهم .وقل لي هنا: أليس من الافضل لتونس واقعيا معاملة زعيمة ' الفاشية ' التونسية كما تعامل مارين لوبان في فرنسا بالنضال الديمقراطي عوض معاملتها كهتلر بحمل السلاح والسقوط في الحرب الاهلية ؟

وبالمناسبة، وركز معي في المفارقة التونسية العربية الاسلامية هذه ، أذكرك أنه عندما كان البورقيبيون و اليساريون التونسيون يساندون النضال ضد النازية و الفاشية في العالم كله كان أمين الحسيني وحسن البنّا يمدحانها وقد قلّدها الثاني عند تكوين 'التنظيم السري 'للإخوان متأثرا بطريقة تنظيم موسوليني للألوية الفاشية التي اعتدت على 'كومونة تورينو' الايطالية اليسارية وسجنت المفكر العظيم أنطونيو غرامشي.

-انني عندما اقول ان الثورة التونسية هي فقط ثورة سياسية الى حدّ الآن نظرا لحدود ما أنجزته ، فلا اقصد بذلك الوقوف عند نتائجها الحالية بل أنبّه الى أنها ثورة منقوصة لأنّها لم تتحول بعد الى ثورة اجتماعية - التي أدعو الى تجديد مفهومها وتخصيصه في تونس في اتجاه وطني اجتماعي ديمقراطي- في مقابل من يكتفي بالاحتفاء بالديمقراطية السياسية التونسية الحالية التي ينخرها الفساد السياسي الحزبي و الفساد المالي و التبعية للمحاور الاقليمية والدولية ... فقط لأنّ حزبه وباقي الأحزاب القريبة منه تتصدّر المشهد.

فهل سترى يا صديقي كيف تظلمني معرفيا وسياسيا وشخصيا مثلك مثل صديقنا اللدود الثالث الذي يتهمني في تعليقه على ما كتبت أنت بما سماه ' السلفية الأخرى ' و'الكسل المعرفي' و 'الانخراط التابع" ليقتنع أنني أنقد -حسب مجهودي وفهمي المتواضعين- "سرير بروكست" العلماني و"عنعنات الفقه" الديني فيتواضع قليلا و يسحبني ،فضلا لا أمرا، من قائمة "تلاميذ ويستفاليا" ويدرك أنه ليس وحده من يمارس "العصيان الابستمولوجي" الذي هو " عصيانات مختلفة"- والا فسيتحول الى 'عقيدة ايبستيمولوجية واحدة' يعبّر عنها بالعنتريات" - او لا يكون ... لنلتقي ذات يوم ، ولو مختلفين ، على قهوة عربية؟

..."الله يهديكم !"

قبّل 'قمرك' و أمّها وسلّم على 'موّالك' البعيد من أجلي.

المعلّقون الفايسبوكيّون : لا تدخلوا بين الظّفر و اللّحم رجاءا !

ملحق أضيف بعد ساعات الى النص الأصلي:

نسيت أن أقول لك ما يلي حول 'المفاهيم في ذاتها' و 'المفاهيم لذاتها' وسأختار مسألة الثورة تحديدا لأبين لك أنني لست شكلانيا صاحب نظرة ' جامدة ومتكلسة' في تعاملي مع المفاهيم وان كنت أحبّذ تدقيقها.

أنت تعرف يا صديقي أنه لا علم دون مفاهيم ومصطلحات.وأنت تعرف أنه توجد 'مفاهيم ومصطلحات اجرائية' الهدف منها تسيير البحث بما في ذلك لدحضها كما تدحض فرضيات البحث أحيانا. ولكن لا يخفى عليك ضرورة أن يكون البحث العلمي واضحا ودقيقا قي مفاهيمه و تعاريفه وفي قيامه بعمليتي التصنيف و التحقيب. هذا أبسط درس في مناهج البحث العلمي في العلوم الاجتماعية والانسانية.

أعود الى مسألة مفهوم الثورة في تونس لأزيد توضيح مسالة أعتقدها هامّة في علاقة بجمودي وتكلّسي المزعومين :

أنا تحدّثت عن "الثورة السياسية " وميزتها عن الثورة الاجتماعية وذكرت لك مثال ثورة 1848 في فرنسا.وهنا أريد من خلال المقارنة بين الثورتين أن تنتبه معي الى أنني لست جامدا متكلّسا وأحاول التمييز بين 'المفهوم لذاته' و'في ذاته' حسب تعبيرك.

ثورة 1848 في فرنسا تعتبر ثورة سياسية لأنها أعادت الجمهورية (الثانية) بعد أربعة وأربعين سنة من عودة الملكية في 1804 التي أنهت الجمهورية الأولى (1792- 1804) . هذا يعني أن الثورة السياسية الفرنسية لسنة 1848هذه قلبت الملكية الدستورية الى الجمهورية. وأذكرك أن هذه الجمهورية الثانية لم تدم سوى أربع سنوات انقلب عليها بونابارت وأسس العهد الأمبراطوري حتى 1870 حين ظهرت الجمهورية الثالثة.

لم ذكرت لك هذا و ما علاقته بتونس؟

تونس انتقلت من الملكية الى الجمهورية بانقلاب يوم 25 جويلية 1957 ،ولا أحد يتحدث في تونس عن ثورة 1957 رغم تغييرها لنظام الحكم لأنه كان انقلابا لم تشارك الجماهير فيه ،ووجود اشتراك واسع للجماهير هو أحد عناصر تعريف الانتفاضة و الثورة في علم الاجتماع السياسي.

بهذا المنطق،عندما وقعت ثورة 2010-2011، كان من الممكن لي، لو كنت شكلانيا 'جامدا متكلّسا' و'أورومركزيا- ويستفاليا' ، أن أقول لك انه لم تحصل ثورة سياسية اصلا لأننا فقط مررنا من الجمهورية الأولى الى الثانية وليس من الملكية الى الجمهورية كما حصل في ثورة 1848 الفرنسية. ولكنني لم افعل ذلك واعتبرت ما حصل ثورة سياسية لأنني لم أكتف بشكل النظام السياسي، بل ركزت على مضمونه السياسي في الانتقال من الاستبداد الى الحرية السياسية. يعني أنني لم أقارن هنا بين الانتقال الفرنسي مثلا من الجمهورية الفرنسية الثالثة (1870-1940) الى الرابعة (1940-1958) و لا بين الأخيرة و الخامسة (1958- الى اليوم ).

لم لم افعل ذلك ؟

لأنّ الجمهورية التونسية الأولى كانت تسلطية فاستبدادية والثانية اصبحت ديمقراطية سياسية بعد مشاركة جماهيرية واسعة في قلب السلطة القديمة وتفكيكها ،هذا اضافة الى الانتقال من الرئاسوية الى النظام المعتدل وهو أمر شكلي و لا يعرف الثورة اذا غابت عنه الحرية السياسية المتحققة والمشاركة الجماهيرية المطلوبة . ولذلك ،مثلا، لا يعتبر الانتقال من الجمهورية الرابعة الى الخامسة في 1958 في فرنسا ثورة ، ولا ردّة ايضا بسبب كون فرنسا انتقلت من البرلمانية الى الرئاسية.

أرايت صديقي أنني لست لا "مستشرقا ويستفاليا" و لا "جامدا و لا متكلّسا " ؟

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات