هل يمكن "للفاشيات الوضيعة" أن تنجح فيما فشلت فيه "الفاشيات الرفيعة"؟

ما الذي يدفع بعض المختصين في الفلسفة والتاريخ، منذ هايدغر واشبنجلر وجنتيلي، إلى مساندة تيار أو حزب أو نظام فاشي رغم أنه نقيض هادم إنسانيا للعقلانية الحديثة حتى وإن تم اعتباره تجسيما أقصى لها إبان الأزمات؟

وقد أثبتت الوقائع التاريخية في الأخير أنه مزّق مجتمعاته وفرّقها وخرّب دولته وقسّمها، بينما كان يرفع في أثناء صعوده السريع شعارات ملتهبة حول توحيد الأمة أو الشعب خلف الزعيم الأوحد القريب من الجنون ونظامه الحزبي الحديدي وميليشياته وأجهزته المسلحة وطغمته المالية والصناعية وتقوية الدولة القومية التي تولّى تقديسها كإلهة معبودة لينتهي بتركيعها وتقويضها، وليقوم إثره نظام ديمقراطي برلماني (وليكن ...تمثيلي) كان ولا يزال أصدق وأقوى في التعبير عن سيادة الشعب الحرّ المتنوع والتعدّدي القابل للآخر المختلف في الداخل والخارج.

ذلك مسار ومآل أكبر "الفاشيات الرفيعة" (إيطاليا وألمانيا) التي ربما كان المبرر الأساسي الأجوف في البداية للمتعاطفين معها والمتحمسين لها، شعبيا ونخبويا، رفع مظلمة أممية مزعومة والحلم باسترجاع عصر ذهبي متخيل وإقصاء أفكار وحركات "هدامة وخائنة" (يسارية) وافتكاك دولتهم التوسعية المحاربة للبلدان الأخرى المكان الجدير بها ضمن القوى الاستعمارية المهيمنة على العالم،

فما بالك بحال ومآل "الفاشيات الوضيعة"، المستمرة أو الراجعة بقوة "عصبيّة" عندنا، والتي لا يمكن أن تكون، بحكم وزننا الدولي الخفيف علميا وعسكريا واقتصاديا وسياسيا، إلا تابعة أو محميّة ومقاتلة ومحتلة آسرة فقط لمجتمعها وربما لجيرانها الأضعف، على غرار أحد أبشع الأنظمة "الفاشية الوضيعة" في المشرق العربي الذي ما زالت نماذجه الانقلابية العسكرية القديمة، الطنانة الرنانة التافهة المهزومة، تجد صدى أثيرا لدى بعضنا من المصرّين على "وحدة المصير" التعيس.

يتبع مع الأسف: "قراءة جندرية" لمساندة الفاشية، من خلال تدوينات وتعليقات و إعجابات كثيرة بهذا "الفضاء الأزرق" .

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات