الموسيقى الانبطاحية

Photo

شهدت الساحة "الموسيقية" في الايام الاخيرة تحركات تزعمتها جمعية على انها "نقابة" ولكنها في الحقيقة تجمع لمن يصفهم اهل الصناعة بالصنف الهزيل من اهل الفن والفن منهم براء.

وقد علا صوتهم وتعاطف معهم عدد كبير من الفنانين والإعلاميين والسياسيين وغيرهم من مختلف شرائح المجتمع من الناحية المبدئية لا غير بعدما قفذفتهم قوات الأمن بالغاز المسيل للدموع ولكن... وللقطاع الموسيقي أعلام وشخصيات اعتبارية و"رموز" معروفة لدى القاصي والداني، اذكر منهم بعض المطربين على غرار لطفي بوشناق وعدنان الشواشي وزياد غرسة ومن الجيل الجديد شهرزاد هلال واسماء ابن احمد وروضة عبدالله وأية دغنوج وغيرهم، هذا علاوة على الملحنين والموزعين واحسن العازفين المتميزين على غرار بشير السالمي ومحمد الغربي وعبد الباسط مستهل وشكري بهلول وعطيل معاوي وسليم أبة ووو وهؤلاء لم يظهروا في الحراك المذكور ولم يشاركوا في الحركة الاحتجاجية وفضلوا عدم الاختلاط "بالمتظاهرين" وعلى كل فان اصحاب المهنة الشرفاء مجمعون ومتفقون على: "إنّ السلاحَ جميعُ الناس تحملهُ، وليس كلُّ ذواتِ المخلبِ السبُعُ".

وما زاد الطين بلة ان هؤلاء "الفدائيون" ارتمتوا في أحضان عبير موسي تلك "المناضلة في سبيل حقوق الإنسان وحق التعبير والديمقراطية" وجعلوا منها "امهم الحنينة" مع انها وكما يعلم الجميع ليست بنظيفة الذاكرة وذلك منذ انتمائها للحزب سيئ الذكر المنحل. وقد أنقذها "الشيخ الباجي" وامثالها من وحل مسؤوليتها السياسية وانتماءها للمنظومة التي ظلمت العباد واستحوذت على ثروات البلاد لحساب بطانة "الرئيس"، صانع التغيير وجعلت من الفنانين مرتزقة اذ كان لا يبرز ويدعم الا الانتهازيين منهم!

وبعد "ثورة الكرامة" تسول بعض الفنانين، كما اعتادوا، رضاء اهل السلطة عندما اجتمعوا برئيس حركة النهضة في بيته طمعا لا غير ثم نعتوه وحركته بأبشع النعوت و"من شكر وذم فقد كذب مرتين" "ومن شب على شيء شاب عليه"، وليس بالعهد من قدم اذ هكذا كانوا بيادق النظام، أبدعوا في إنتاج "الموسيقى الانبطاحية" وفي نسج معارضات ل "يا سيد الاسياد" مهما كان "السيد" إذ مهما تغير الحاكم يتأقلمون مع رغباته ويسايرون هواه وصدق المتنبي حين وصف العبيد "بإنجاس مناكيد".

فمن حق الفنان، كمواطن، ان تكون له ميولات سياسية ولكن يجب أن يعي انه بفعل مهنته أشرف وأسمى من ان يرذل ذاته ويتنازل حتى يصبح تحت وصاية حركة سياسية ويضحى من الاتباع والازلام وفي هذا الاطار قال عنترة ابن شداد: لا تسقني ماء الحياة بذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنضل ماء الحياة بذلة جمعتك وجعتهم بالعز اطيب منزل" واليوم وقد اختلط الحابل بالنابل وصار الوسط الموسيقي، على غرار جل الاوساط، يعاني الانتصاب الفوضوي والعشوائي فعلى السلط المعنية ان تجد السبيل "لأخلقة" هذا الميدان وتنظيمه لا بالتشريعات وسن "قانون الفنان" فحسب وإنما باحترام المهنة والايمان بجدواها في الرفع من مستوى المواطن الحضاري والأخلاقي والثقافي والتربوي وإعطاء كل ذي حق حقه بتطبيق القوانين التي تحفظ حقوقهم كمواطنين وكمهنين على الاقل.

واخيرا ففي الفن كفاءات ومستويات في الابداع والكفاءات فمنهم الرخيص الذي يبدع نفاقا و"يأكل مع كل ذئب ويبكي مع كل راع" غير مبال بأن "المنافقين في الدرك الأسفل من النار" ومنهم من يبدع فنا ويذكره التاريخ كقيمة وقامة في ميدانه ولكن في تونس الجمهورية فان "الفن الموازي" والهابط طغى على "الفن المهيكل" والهادف وذلك بسبب أهمال الحكومات المتعاقبة لهذا القطاع بدليل ان رئيس الحكومة الحالي اعتبره "تفرهيد" وكأنه غير واع بما يقول وهنا يكمن الداء.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات