كلام حول النهضة

Photo

لست مُلِمّا بما يحدث داخل المطبخ النهضوي، وليس لديّ معطيات أو حتى أخبار صحيحة حول منسوب حدّة الصراع الداخلي بين المساندين والمعارضين لمواصلة شيخ النهضة متمسكا بقيادتها بالرغم من وعود قطعها بالتخلّي ثم العدول عنها في أكثر من مناسبة، ولكن وبالرغم من زهدي في اقتفاء أخبارها وتقوقع البيت الأزرق على نفسه ومحاولة سدّ منافس التسريبات من بعض أجنحتها وتعمّد تسريب البعض الآخر لبعض الفرقعات الإعلامية لإلهاء طواحين الإعلام التي تترصّد أي همسة.

لتتناولها ثم تجترّها صباحا مساءا عسى أن تتخذ قدم صدق عند أحد الأجنحة فتميل به ميلة واحدة وتحدث الخلل الذي يُفقد التوازن…

وحتى لا أطيل فيصيبكم الملل: تناول ما حدث ويحدث داخل النهضة ونقد مواقفها كحزب أو حركة لا يحدث إلا في إطارين لا ثالث لهما:

1-الأول وهو الغالب والأبرز في وسائل الإعلام ويتمثل في التهجّم على رئيسها وبعض رموزها الذين يُساندونه ثم التشكيك الأزلي و المتكرر في توجهاتها وحتى في إمكانية مدنية الحركة لبلوغ إستنتاج مباشر باستحالة ممارسة الديمقراطية داخلها وبالتالي لن تستحمل الديمقراطية خارجها إلا لبلوغ السلطة و لغاية البقاء فيها.وهذا الخطاب تكرر ويتكرر لحد الملل.وكأنّ كل القوى السياسية الأخرى زاهدة في السلطة أو لا تريد التشبث بها.

2-نوع الخطاب الثاني وهو الغائب في وسائل الإعلام التقليدية والحاضر بقوة على المواقع الإفتراضية والذي يصوّر زعيم النهضة وشيخها في أمثل صورة يخطّط فيصيب دائما و إن أخطأ ففي خطإه أيضا جوانب إيجابية ،وهو المفكّر والقائد والسياسي الناجح…وأما عن توجّهات الحركة فهي دائما صائبة حتى وإن كانت عكس ما يريده الشعب التونسي و يرجعون أسباب هذه القرارات أو الخيارات الغير صائبة إما لحساسية المرحلة أو لإكراهات الظروف السياسية،لا لسوء تقدير يمكن أن يقع فيه أصحاب التوجّه.

أما الخطاب الثالث المفقود والذي من المفترض أن يحلّ محلّ الخطابين الأولين هو الخطاب النقدي الذي يقيّم الحصيلة من إنجازات وإن قلّت ويذكر الأخطاء وإن عظمت، وعلى سبيل المثال أعتبر تماسك الحزب لمدّة السنوات العشر الأخيرة إنجازًا في حد ذاته إذا تذكرنا انهيارات التجمعات السياسية التي لم تقم إلاّ ضِدّا للنهضة، فكان وقوعها كما قامت.كما أقدّر أن من أعظم أخطاء النهضة تمرير قانون المصالحة والتراخي في قانون العزل السياسي.

وغياب هذا الخطاب النقدي(ولست أعتبره الوحيد) من وسائل الإعلام التقليدية أو الحديثة يُنتِجُ تصدعا داخل المجتمع ويحدث قطبين ،إمّا أن تكون ضدّ النهضة ويتراوح موقفك بين أن تتمنى هزيمتها في الإنتخابات فتستبدلها بأي سلعة معروضة لا تعرف جودتها ولا جدواها ويمكن أن يشتدّ بك الأمر إلى أن تتمنى زوال كل من ينتمي إليها أو حتى من ينتخبها.كما يمكن أن يؤدي غياب الخطاب النقدي الوسطي عند المهوسين بالنهضة إلى التشبث بها ومساندتها لا اقتناعا بمن ترشحه النهضة أو بمن تسانده وإنما رد فعل وخوفا من سطوة القطب المعاكس والذي يلوّح بمسح النهضة من الوجود.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات