المهم والأهم

Photo

يبدو أن وزيرة الثقافة إنتقلت من المثل الشعبي المعبر" عريان الزك وفي إيدو خاتم" الى المقولة السياسية الشهيرة "أخرجت تصريحاتي من سياقها". صغيرتي الوزيرة وأرجو أن لا تخرجي كلامي من سياقه فتفهمين ما ناديتك به وما سأقول بعكس مفهومه فأنا مواطنة تكبرك عمرا وربما تفوقك رؤية واقعية للمجتمع لا أكثر يا صغيرتي.

صغيرتي الوزيرة المثقفة أعتذر أولا أن صدمت ثقافتك المتربية بكلمة نابية لكن صدقيني لا كلمة غيرها تعبر عما بررت به إمتعاضك لرفض الناس مواصلة تصوير المسلسلات. وأحيطك علما أن المثل لا علاقة له بالأخلاق فلكل الحرية في لباسه هو فقط كما يفهمه كل التوانسة يتكلم عن فقير لا يجد ما يستر به مؤخرته لكنه مع ذلك يضع خاتما ثمينا في يده كناية عن سوء التصرف والفخفخة التافهة. ها أنى يا صغيرتي الوزيرة سأتخلى عن "تجوديري" الشعبي وأخاطبك خطاب مثقفة لمثقفة.

تصرخين خائفة واثقفتاه وتتعجبين لهذا الشعب الذي لا يعرف مكانة الثقافة في بناء الانسان.؟؟؟. وتبررين هدر المال على تصوير المسلسلات بضرورة الثقافة لنعيش ونحيا. كلامك أكثر من جميل في المطلق فنحن لا نحقق إنسانيتنا الا بالثقافة غير إن صفة المثقفة الذكية المتعلمة الإنسانة تحتم عليك أن تعادلي في ظرفنا هذا مدى نفع هذه المسلسلات لو أن تصويرها ستزيد من تفشي العدوي وستهدر مالا كان أولى بالذهاب الى حماية حياة البشر وتعزيز ظهور الأطباء في حربهم. صغيرتي الوزيرة، الثقافة تعني أيضا أن يكون للمثقف من التمييز والحكمة ما يجعله قادرا أن يختار الأهم قبل المهم. هذه من بديهيات الناس الفاعلين المؤثرين يا صغيرتي. والصورة هدية لك لتعي وتفهمي.

هذا عن "الزك" أما عن الخاتم.

كان يفرحنا لو أن الخاتم كان ثمينا على الأقل قد نظن أننا نتشبث بثقافة ذات قيمة تسمو بنا وبإنسانيتنا. لكن الخاتم "فالسو". أعيد لك أن كلامي ليس أخلاقيا بقدر ما هو علمي. الم تقرئي ل "بورديو" عن تأثير الاعلام في تكييف الظواهر الاجتماعية. ماذا بث لنا أولاد كوفيدة لمدة سنوات الا صورة المجرم الزطال السارق الذي غلفه منتجه بمظهر الشاب الوسيم القوي حتى نعشقه وأضفى على الحكاية دراما الطبقية والظروف الاجتماعية القاهرة التي تجبر على الجريمة وبذلك يبررها ثم وبدون أن يشعر المشاهد أعطاه واقعية مخيفة عبر التصوير في أحياء وشوارع نعرفها حتى يكتمل النصاب ويمر شبابنا مباشرة الي التطبيق.

ثم هل تمعنت في صورة المرأة في المسلسل؟؟ في كل الحلقات ليست هناك شخصية نسائية واحدة في المسلسل لم تتعرض الى العنف ولو بكلمة أو شدة شعر مهما تكن مستواها الاجتماعي أو التعليمي. هل هذه الصورة التي تريدينها لذاتك كامرأة؟ هذه ثقافة تبني أو جريمة تهدم مجتمع باسره؟؟؟؟

كنت أتمنى أن تعاضد الثقافة حربنا ضد الوباء وعوض ان تبحثوا عن مسلسلات هابطة تشغل الناس في رمضان تدعمون أغاني لأشهر قنانينا وفيديوهات لأشهر ممثلينا وسكاتشات لأحسن فكاهيينا يساهمون بها في رفع وعي المواطن ويرفهون بها عنا في هذا الحجر العصيب.

أخيرا ربي يبقى علينا سترو ويحمينا وسيمر الوباء يا صغيرتي وستعود تونس لمهرجاناتها ومسارحها ومعارضها وأرجو ان تكون الثقافة الحقة البناءة في تونس عمادا من أعمدة بناء الانسان ما بعد الكورونا.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات