"عقدة الخواجا": المستشرق المُوظّفُ لدى الحكومة الفرنسية في ضيافة قيس سعيد

Photo

يبدو ان الرئيس قيس سعيد (والفريق العامل معه) مُمعن في مواصلة "مسيرة" التخبّط ، وممعن ،يوما بعد آخر، في تكذيب وتفنيد "التبريرات" و"التاويلات" التي يُدافع بها عنه أصحاب "النوايا الطيبة" من الانصار والمُريدين.

آخر "حلقات" هذه "المسيرة" استقباله في قصر الرئاسة بقرطاج وبصفة رسمية للمستشرق الفرنسي Gilles Kepel. وولم يقف الامر عند ذلك الحدّ، بل أصدرت رئاسة الجمهورية بلاغا رسميا حول المقابلة ورد فيه :

"تأكيد رئيس الدولة على أهمية هذا اللقاء الفكري لما له من أبعاد سياسية، كما يعد فرصة للخروج من السياسة اليومية لفتح آفاق أرحب في الفكر السياسي والفكر الإنساني بوجه عام." كما ورد فيه أنّ اللقاء: " .... تناول أفق التعاون بين الجامعيين والباحثين في تونس وفرنسا والتأكيد على عمق وأهمية العلاقات بين البلدين."

في البداية لا نفهم "وجاهة" تباحث الرجلين في التعاون الجامعي والعلمي بين تونس وفرنسا ولا صفة ولا صلاحية رسمية للسيد المستشرق للحديث فيها. كما لا نفهم "الضرورة" و"الوجاهة" من "التأكيد على "العلاقات الهامة والعميقة مع فرنسا " وهي الصيغة الاستعمارية المعهودة التي تُحيلُ مباشرة للاستفراد الفرنسي بالنفوذ والهيمنة على تونس.

وفيما عدا ذلك، ودون الحاجة للخوض في "الرصيد العلمي الأكاديمي" للسيد جيل كيبال، فنحن لا تعتبر أن له " اضافة في الفكر السياسي والانساني العام" كما يدّعي بلاغ رئاسة الجمهورية. كما لا نفهم "الوجاهة " و"الضرورة" و"الحاجة" من تخصيص رئيس الجمهورية لجزء لا يُستهانُ به من وقته الثمين للقاء "مستشرق" وصفه الراحل محمد أركون بكونه "صحفي فاشل متنكّر في هيئة باحث في الاسلاميات". وهو اضافة لذلك الوصف الدقيق، موظّف مأجور (لدى الداخلية الفرنسية منذ عقود) ولدى الرئاسة والخارجية الفرنسية لمتابعة ورصد "الحركات الاسلامية والجهادية" وموافاتها بتقارير في الغرض.

وزيارة السيد كيبل لتونس الاخيرة لا علاقة لها في الحقيقة لا بالبحث العلمي ولاهُمْ يحزنون. فهو مبعوث من دولته الفرنسية "العليّة" في مهمة لتونس لإبلاغ موقفها من الوضع السياسي في المنطقة واستجلاء المواقف المحلية منها. وقد سبق لقاءه مع قيس سعيد لقاء نظّمه في الغرض بمقر اقامة السفير الفرنسي بتونس وبحضوره واستعرض فيه المواقف والتحاليل الفرنسية الحالية والمستقبيلية.والرجل متعوّد على هذه النوعية من الزيارات "الخاصة " لتونس ، وقد كان ضمن الوفد الرسمي المصاحب لماكرون أثناء زيارته لتونس.

والغريب هو أن يقع ايلاء هذا رجل بمثل هذه "المواصفات" كل هذا التبجيل من رئيس للجمهورية لم يعامل بالقدر نفسه، أو حتى باٌقلّ منه، باحثين وباحثات تونسيات يفوقون "ضيفه" المبجّل، اضافة عمقا واحاطة وتأصيلا لبحوثهم حول "الظاهرة " الاسلامية في اطارها وبيئتها.

ألم يبلغ الى "علم" الرئيس السعيد، و"علم " فريق عمله، ما أنجزه الباحثون والباحثات التونسيون والتونسيات من دراسات لا تُضاهى، مقارنة بسطحية "البحوث" المُوجّهة" لجيل كيبال …. ما أنجزه الاصدقاء والصديقات عبيد خليفي، وآمال قرامي ومنية العرفاوي، ومحمد الشريف الفرجاني، وهادي يحمد، وغيرهم، وكُلّ منهم يستحقّ أكثر من التبجيل والاقتبال، بل ينال الحاكمين بالصدفة شرف الاستماع لهم والانتفاع بعلمهم.

ولكنّها "عقدة الخواجا" المتأصّلة لدى حكّام تونس من القدم، عقدة "تذلّل" المغلوب أمام الغالب، وهي العقدة التي برع في وصفها وتفكيكها مواطننا ابن خلدون منذ قرون …. في " كتاب العبر وتاريخ المبتدأ والخبر"…..

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات