كيف يمكن أن يُفهم الخطاب الأخير لقايد صالح؟

Photo

ربما هذا هو الخطاب الأكثر عنفا و الأسوء على الإطلاق للقايد صالح منذ 22 فيفري . وصف من يطالب بالدولة المدنية ''بالخونة'' يتناقض تماما مع التصريحات السابقة التي أعلن فيها الجيش عن مرافقته للحراك.

ثمة سببين وراء هذا التحول: يتمثل السبب الأول في أن قيادة الأركان أدركت أن حلفاءها المدنيين الذين استدعتهم لإنجاح منتدى 6 جويلية لم تعد لهم أية فعالية، ولا يحوزون على المصداقية التي يدعون امتلاكها. بعد تعفن صورة حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وتراجع تأثير الإسلاميين، لم يجد الديراس DRS الجديد حلفاء ذو مصداقية داخل المجتمع للإقناع المتظاهرين . عولت قيادة الأركان على لقاء 6 جويلية لإيجاد ظروف تسمح بإجراء انتخابات رئاسية في شهر ديمسبر على أقصى تقدير. ولكنها لم تستطع أن تحقق ذلك، وهذا ما أغضب قائد الأركان قايد صالح.

والسبب الثاني هو أن هذه هي المرة الأولى منذ الاستقلال التي لا يملك فيها البلد رئيسا قانونيا أو شرعيا حسب معايير النظام نفسه. ظهرت قيادة الأركان و كأنها المؤسسة التي تعيق انتخاب رئيس للجزائر وتطيل عمر الأزمة. لا يريد القايد صالح أن يعترف بهذا الانسداد أو أن يتحمل مسؤوليته ولهذا حمل المسؤولية لخونة يكنون الحقد للجيش وللجزائر.

من وجهة نظري، سوف يستمر هذا الانسداد إلى غاية سبتمبر أو أكتوبر. وإذا لم تتراجع قوة المظاهرات، سوف ينتهي الأمر بقيادة الأركان إلى التفاوض حول الصلاحيات الدستورية للرئيس المقبل الذي سوف يتم انتخابه، ولكن من دون أن تكون له سلطة على الجيش.

سيكون هذا توافقا يقبل به معظم الجزائريين، وسيكون خطوة نحو بناء الدولة في الجزائر. إذا ما عدنا إلى تجارب بناء الدولة في أوروبا، سنجد أن الملك أيضا لم يتخل عن صلاحياته بين عشية وضحاها.

الجزائر اليوم في الطريق الصحيح، وسوف ينجح الجيل الحالي في بناء دولته التي لم تستطع الأجيال السابقة تحقيقها، شرط الحفاظ على الطابع السلمي للمظاهرات ونعي أن الكثير من ضباط الجيش يطمحون هم بدورهم إلى دولة القانون وسوف يخدمونها بكل وفاء وإخلاص.

لا أحد في الجزائر يكره الجيش الوطني الشعبي لأنه أحد المكاسب التاريخية للحركة الوطنية.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات